عثمان أبوبكر مالي
أكاد أجزم أنه لا يوجد في العالم الرياضي جماهير أندية تفرح لهزيمة فريق كروي يمثل خارجيًّا من فريق آخر خارجي مثلما يحصل في رياضتنا، وتفعل جماهيرنا بمختلف ألوانها.
لا يوجد فريق مهزوم (يطقطق) عليه بنو جلدته ويبرحونه جلدًا مثلما نفعل عندما يخسر فريق سعودي وهو يمثلنا خارجيًّا على النحو الذي يحصل هذه الأيام لفريق الهلال، بعد خسارته السبت الماضي نهائي دوري أبطال آسيا في (سياتاما) أمام فريق ياباني.
التعبير عن الفرحة من جماهير الأندية المنافسة للهلال جاء عبر كل الطرق والوسائل والأجهزة، وحتى بعض البرامج الرياضية وغير الرياضية.. وهناك من فرح من الجماهير السعودية لفوز فريق (أوراوا) الياباني أكثر من مشجعيه ومن اليابانيين أنفسهم؛ فلا أعتقد أن هناك يابانيًّا يشجع أوراوا (نحر قعودًا) لفوزه، وفينا من فعلوا ذلك(!!)
ما حصل للهلال هو ما حصل للأهلي نفسه عندما خسر البطولة، وحقق الوصافة عام2012م، وما حصل للاتحاد قبله عام 2009م، لكن الفارق أو (الزيادة) هو أن هزيمة الهلال وحصوله على آخر وصافتين (2014 و2017م) وقعتا في زمن حضور وسائل التواصل الاجتماعي، و(سطوة) بعض تطبيقاته المشهورة جدًّا والمنتشرة كثيرًا، مثل (الفيسبوك والواتساب وتويتر واليوتيوب والانستغرام) وغيرها؛ ما ساعد كثيرًا في زيادة الطقطقة وتنوعها وانتشارها من خلال سهولة تناقلها (الرتويت) ونشرها، والتلاعب في مقاطع ومشاهد قديمة و(تحويرها)، وغير ذلك من الابتكارات التي يتفنن بها مستعملو ورواد تلك التطبيقات. ومشهود أن هذه الوسائل الاجتماعية غيَّرت نمط الحياة في المملكة عامة، وأصبح جل المجتمع يقضي أكثر أوقاته أمام شاشاتها ولساعات طويلة، وليس جماهير الرياضة أو الوسط الرياضي فقط، وأصبحت الطقطقة (ثقافة مجتمع)؛ والدليل أن هناك شخصيات عامة ليست رياضية (تشارك) في الطقطقات المتداولة، حتى المتعلقة بالرياضة، بل تبادر إليها، قبل المباريات وبعدها، مع أنه (ما لها في الكورة)!
الموضوع لا يستحق ذلك التهويل والتعظيم، ولا تلك الحدة من الغضب وتوقع آثار مستقبلية أو (خطيرة) كما يردد، ويريد البعض تصويره؛ فهو ـ من وجهة نظري ـ لا يتجاوز أي شكل آخر من (أشكال) التعصب المنتشرة في رياضتنا، التي نجدها في المدرجات وفي المقالات والأقلام، وفي البرامج الرياضية، بل حتى في المكاتب (الرسمية).. وقد تكون بعض (المتغيرات) التي حصلت في الرياضة مؤخرًا أسهمت في زيادة الطقطقة وانتشارها وهو ما يجب أن ننتبه ونلتفت إليه ونعالجه.
كلام مشفر
* أزعم أن الطقطقة التي تنتشر عن الهلال هذه الأيام، وحدثت من قبل للاتحاد والأهلي، ليس فيها أي نوع من أنواع (الكراهية أو الحقد)، وإنما هي فعل تقوم به بعض الجماهير (نكاية) في المنافس؛ بدليل أنها تأتي من البعض تجاه أخيه أو ابن عمه أو أقرب أصدقائه وزملائه، وهو ليس سوى (تشفٍّ وإغضاب).
* التشفي وقتي، يقل مع الأيام، ثم يختفي وينتهي مع الإنجاز. أما الحقد والكراهية - والعياذ بالله - فنتاج تراكمات طويلة، وتأثيرهما أقسى، وعلى مدى بعيد. والطقطقة ليست كذلك إطلاقًا؛ فلا تحمِّلوها أكثر مما تحتمل.
* لو خسر أي فريق آخر نهائي القارة الآسيوي لحدث له ما يحدث للهلال نفسه، وعلى كل المستويات. أذكر في عام 2012م - وهذا أقوله أول مرة - عندما خسر الأهلي نهائي آسيا دخلت على مسؤول كبير فوجدته في قمة سعادته لتلك الخسارة، وعندما سألته (وهو يمون) قال لي (على سبيل المزاح) «الحمد لله، هل تريد أن يذهب الأهلي إلى (العالمية) قبلنا؟!».
* في كل الأحوال رياضتنا أحوج ما تكون للهدوء وللالتفاف والتماسك خلال الأشهر القادمة، وقبل خوض معركة مونديال كرة القدم في روسيا.. وأكثر من يحقق ذلك هو (المدرج) الرياضي بكل ألوانه وأطيافه، وهو يستحق في هذا التوقيت (مبادرات) تؤكد أنه (شريك) أساسي في المسيرة والمشوار، وهو (هدف) الرياضة، وهو الترمومتر لها، وهو (وقودها) الذي يعلو أو يهبط بها.
* كنت من أوائل من طالب بأن يتم استبدال مدرب المنتخب الأسبق الهولندي السيد مارفيك لقناعات شخصية، ذكرتها أكثر من مرة، لكن ما لم يقله أحد أن التعاقد مع (باوزا) خلفًا له تم من غير دراسة أو تحقق أو هدف، وهو ما ظهر لاحقًا بدليل إنهاء عقده بسرعة التعاقد معه نفسها.
* المرجو أن يكون استبداله بخلفه ومواطنه (بيتزي) قد تم وفق دراسة ومراجعة وشخصية وتوافق وقدرات يمتلكها وإعلانها؛ لتكتمل القناعة به، والإيمان أنها يمكن أن تسهم في تحقيق الأخضر (هدفه) القادم في المونديال العالمي.