فهد بن جليد
فوزهم بالذهب يرسم ملامح مُستقبل حياتهم وحياة أقرانهم، ممن يعانون من إعاقات جسدية أو ذهنية مُنذ الولادة، أو أولئك الذين فقدوا جزءاً من أطرافهم في مرحلة متأخرة, كل لاعب منهم يحمل حكاية مُختلفة، وقصة نجاح فريدة، فنحن ننظر إلى منافسات المئات منهم من (ثقب الرياضة) فقط في هذا التجمع، بينما هم يعيشون التحدي بكل تفاصيله ومعانيه ولحظاته الحقيقية في واحدة من أنبل التجارب الحياتية.
هذا الأسبوع زرت فعاليات دورة البارا السعودية للرياضيين (البارالمبيات) التي تقام في المملكة لأول مرة بنظام التجمع لكل هذه الألعاب والرياضات في مكان واحد لذوي الاحتياجات الخاصة، لتشمل ألعاب القوى، كرة القدم، الطاولة، السلة، السباحة، رفع الأثقال، والبوتشي وغيرها من الرياضات.. بقدر الشعور الذي انتابني بعظمة الله عز وجل، ومنحه العزيمة والقدرة للإنسان على التعايش مع إعاقته، وقهرها لإعادة اكتشاف نفسه ومكامن قوته، بقدر ما شعرت بحجم تقصيرنا مع هذه الشريحة الغالية من مجتمعنا -خصوصاً القطاع الخاص- الذي أدار ظهره لفكرة الاستثمار في توفير أماكن وأندية رياضية خاصة، تناسب وتراعي ظروفهم الجسدية لمزاولة الرياضة في مناطقهم ومدنهم، لقد كانت هذه الأمنية هي القاسم المُشترك بين أحلام هؤلاء، فتوفر مكان التدريب المناسب لهم هو أصعب المعوقات التي تواجههم اليوم.
يوجد في المملكة خمسة عشر نادياً رسمياً يقدمون خدماتهم -مشكورين- لفئة محدودة من هذه الشريحة تحت مظلة اتحاد البارالمبيات وهيئة الرياضة، بهدف تأهيل الفرق واللاعبين للمشاركات المحلية والعربية والعالمية وهي جهود مثمنة ومُقدَّرة، لكن ما أبحث عنه هو نوع آخر من الاستثمار الإنساني في حياة هؤلاء بتخصيص جزء من الأندية والصالات الرياضية الخاصة، لتناسب ظروفهم وتغير من حياتهم، ومن ثقافتنا نحن أيضاً تجاههم وتجاه احتياجاتهم، أكثر من دراسة نشرها بعض الأخصائيين كشفت أنَّ 70 % من أهالي وذوي الإعاقة من الخليجيين لا يعلمون غالباً بوجود أندية خاصة بهذه الفئة في بلدانهم، ولم يحاولوا زيارتها مُطلقاً، اعتقاداً أنَّ ما يسمعون به من أندية غير مُخصصة لأبنائهم.
نحتاج إلى تحرك سريع لتغيير هذه الثقافة المجتمعية الخاطئة، التي حرمت هؤلاء من حقهم في ممارسة الرياضة كأحد أهم مسببات تجاوزها، وكمسؤولية اجتماعية من القطاع الخاص، فمثل هذه المشاريع ربحها أسمى من العوائد والأرباح المادية، ولعلنا نطمح إلى ما هو أبعد من ذلك في توفير البيئة المناسبة لتدريب المُعاقات تمهيداً لمشاركتهنَّ في منافسات النسخة القادمة من البارا السعودية.
وعلى دروب الخير نلتقي.