إبراهيم عبدالله العمار
كلمة «إدمان» لا تعني المخدرات فحسب، بل هذا قد يكون أقل أنواع الإدمان انتشاراً، ولعل أكثرها إدمانا أشياء أخرى كالأكل، والتدخين، والقهوة، والشراء، والخمر، وغير ذلك. الكثير من هذه الأشياء ضارة إذا كثرت، إما بالصحة أو المال أو النفسية، وإذا فكر المدمن في وضعه وكيف أنه يدمّر حياته فهذا يجعله يشعر بقوة وبسرعة أنه لا يستطيع أن يتحمل أي شيء، فضلاً عن أن يتعامل مع إدمانه، لكن هل تعلم ما هو الحل لكل أنواع الإدمان كما أظهر العلم بالدليل القاطع؟ الرياضة!
إن الرياضة قوية التأثير على شعور المدمن تجاه نفسه، فإذا كان منشغلاً بشيء يزاوله كالرياضة والتي تتطلب عملاً جاداً والتزاماً واستطاع أن يثابر عليها فهذا الإحساس بقوة الإرادة يمتد إلى أوجه أخرى في حياته. باحثون أستراليون أرادوا إثبات هذا بالتجربة، فاستعانوا بـ24 طالبا، وقاسوا أثر شهرين من الرياضة على التحكم بالذات، وكل أسبوعين أُعطي الطلبة اختبارين نفسيين، وكتبوا تقارير عن يومهم في كتيبات مذكرات، والنتائج... مذهلة!
أولاً تحسّن أداء الناس في الاختبارات النفسية شيئاً فشيئاً مع ممارسة الرياضة. وثانياً قال المشاركون إن عدداً كبيراً من تصرفاتهم المتعلقة بالإرادة تحسّنت. مثلاً صار الذهاب للنادي أسهل، وصاروا يدخنون أقل، ويشربون كافيين أقل، وخمرا أقل، صاروا يأكلون طعاماً صحياً، ويقللون الأكل الضار، استطاعوا تقليل الشراء الاندفاعي، صاروا أكثر هدوءاً، وأقل عصبية. ليس هذا فقط بل صاروا أقل تسويفاً وأقوى همة، وصاروا أقدر على الالتزام بالمواعيد، بل حتى امتد الأثر قوة الإرادة إلى أشياء صغيرة لا تتوقعها، فصاروا أقدر على غسل الآنية بدلاً من تأجيلها! إنها الرياضة وتأثيرها الجبار.
يقول العلماء إن الإرادة مورد يَنفد، لكن يمكن شحنه وتعبئته من جديد، ويشبّهونه بالعضلة: كلما استخدمتها صارت أقوى، والرياضة أقوى نوع من تقوية الإرادة نعرفه اليوم. إذا كنت من النوع الذي يميل للإدمان فمن الأساسي أن تتريّض باستمرار. كمية الرياضة تختلف حسب قوة الإدمان، لكن يرى العالم جون ريتي أن 30 دقيقة من الرياضة الشاقة 5 مرات في الأسبوع هي الحد الأدنى إذا أردت التخلص من الإدمان.
إن اعتمادك على الرياضة كحل لإدمان الأكل قد يبدو حلاً واضحاً لكن المسألة أوسع من هذا، فمنافع الرياضة تتجاوز مجرد الرغبة في حرق السعرات الحرارية الزائدة، فهرمون الدوبامين الذي تفرزه الرياضة والذي يُمتع مركز الجائزة في المخ (المركز الذي يحاول المدمن استثارته) سينهال على المخ ويخفف التحرق للأكل، ومع الوقت فهذا سيعيد التوازن إلى نظام الجائزة. الكثير من الناس يظنون أن مشكلة مدمن الأكل هي قلة التحفيز، وهذا صحيح إلى حدٍّ ما، لكن الذي لا يعرفه الناس هو أن التحفيز من وظائف إشارات المخ. عندما ننظر للإدمان أنه خلل عصبي بدلاً من فشل معنوي فهذا يغيّر المشكلة إلى شيء يمكن حله.