د. صالح بكر الطيار
شاهدنا ما خلفته أمطار جدة التي استمرت أقل من ساعة خلال الأسبوع المنصرم والتي كشفت الخلل الكبير والأخطاء الكبرى الفادحة في مشاريع صرف مياه الأمطار وغيرها من المشاريع التي نتلمس بألم شديد الأضرار الجسيمة للبلاد والعباد والتي كانت نتيجة الفساد الذي تفشى في كبار المسؤولين الذين أقسموا أمام ولي الأمر بالحفاظ على مقدرات الوطن والسهر على راحة المواطن.
أين قسمهم أمام سوء التخطيط في البنية التحتية وهذا يعود بنا إلى سنوات طويلة وجدة على موعد مع الخطر مع أي رشة مطر والجميع يعلم ذلك ومع السيول الكبرى التي حدثت قبل أعوام تم فتح ملف الفساد لمحاسبة المقصرين والمتهاونين ومن تورطوا في هذا الملف الخطير الذي دفع المواطنين ثمنه من أرواحهم وممتلكاتهم وظلت الأمور متفاوتة بين الاتهام والبراءة.
ونحن على موعد محاسبة حقيقية من خلال لجنة مكافحة الفساد التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين ويرأسها سمو ولي العهد فإننا أمام متابعة لهذا الملف الذي تم تأجيله كثيرا وكانت الأخطاء تتزايد.
رأينا كيف تحولت الشوارع إلى برك مياه راكدة والغرق الذي طال الأحياء القديمة وحتى الحديثة مما يدل على سلبيات واضحة في المشاريع وفي المقاولين وفي سوء إدارة لها من قبل المسؤولين.
وقد سررت كما سرّ غيري بتصريح النيابة العامة التحقيق مع كل من تورط في تداعيات أمطار جدة وهنا أود أن أؤكد أن تزامن وجود اللجنة مع ما حدث في جدة سيجعلنا أمام موعد جديد من التنمية في هذه المدينة التي تخصص لها الدولة سنويا مليارات الريالات ولكن التنمية فيها تعرضت في سنوات مضت إلى تبديد واستغلال وإلا لما رأينا الواقع الحقيقي لها مع الأمطار الأخيرة والتي تعد متوسطة قياسا بمعدلات ومعايير خبراء المناخ والطقس وهطلت وقد تجهزت واستعدت كل الجهات لمواجهة الأخطار المترتبة ومع ذلك غرقت جدة ووصل الغرق إلى الإدارات الحكومية ومنازل الأحياء والشوارع والمواقع التجارية وإلى كل مكان.
وبعد ذلك أتمنى أن يتم رصد ملف الأمطار منذ عقود والرجوع إلى بدايات المشكلة المزمنة لأن ما يحدث في جدة مشاكل تراكمية نتيجة إهمال سنوات طويلة ومن ثم رصد ومقارنة ما تم تخصيصه وما تم صرفه وكيف تمت ترسية المشاريع وماذا أعد المقاولون من تعامل مهني مع المشروعات وفق الأسس العلمية وحسب ما تم وضعه إضافة إلى مراجعات تخطيط المدينة فيما يخص تراخيص إقامة المنشآت ووضعها وأيضا البناء في مجاري السيول وأزمة المخططات الأزلية وأيضا سوء تنفيذ مشروعات تصريف السيول ومتابعة دقيقة لهذا الملف الذي ظهر لنا سوءا جليا واضحا للعيان وستكشف الأمطار أيضا مكامن خلل إضافية في مدن أخرى لذا فإننا أمام منهجية جديدة في التعامل مع الأزمات وتداعيات الفساد فيها ومحاسبة أيّ متسبب أيا كان وهذا هو المنهج العملي الذي سيجعل وطننا سائرا نحو التنمية الحقيقية التي تليق به وسيكون المواطنون مع فجر جديد في وطن خالٍ من الفساد.