عبدالله العجلان
خسر الهلال اللقب الآسيوي 2017 ليس لأنه الأسوأ والأضعف، وإنما بالطريقة ذاتها التي خسر بها البطولات السابقة، سواء في النهائي أو في إقصائه من الأدوار ربع ونصف النهائي. الهلال الذي لم يخسر في جميع مبارياته في هذه النسخة إلا في الإياب، وفي الدقائق الأخيرة من المباراة، أضاع حلم البطولة؛ لأنه - كما في البطولات الآسيوية الماضية - كان يفتقر للمهاجم القناص القادر على تتويج تفوقه وسيطرته واستحواذه..
الهلال برئيسه الاستثنائي وإدارته وأعضاء شرفه ومدربه ونجومه بذلوا وقدموا وفعلوا كل شيء لنيل الآسيوية، لكنهم في الوقت نفسه كرروا أخطاء الماضي، وأعني بذلك عدم التعاقد مع مهاجم لا يقتنص الهدف من أقل الفرص، بل مهاجم يسجل القليل من كثير الفرص كتلك التي سنحت له في لقاء الذهاب في الرياض، وكانت كفيلة بتتويجه باللقب مبكرًا. الغريب في الموضوع أن أصغر مشجع هلالي أو حتى غير هلالي يفهم أن اللاعب ماتياس ليس المهاجم الجدير بارتداء قميص الهلال، ولا يستحق منحه فرصة اللعب في أضعف مباريات الدوري، ورغم هذا أصر المدرب دياز بشكل غريب على ضمه للقائمة الآسيوية، وحينما حان الوقت الذي يحتاج فيه الفريق للمهاجم القناص، وتحديدًا في النهائي ذهابًا وإيابًا، وخصوصًا بعد إصابة الفذ إدواردو، رأينا هذا المركز شاغرًا، تتحطم فيه آمال الجماهير الهلالية وهي تتحسر على ضياع أكوام الفرص السهلة التي يكفي قليلها لحسم البطولة.
لاحظوا كيف أصبح عمر خربين هدافًا للبطولة وهو ليس مهاجمًا صريحًا، وكيف ساهم بأهدافه في إحراز الهلال العديد من الانتصارات المهمة والحاسمة محليًّا وآسيويًّا وهو لم يكمل بعد عامه الأول؛ ما يدل على تفوق الهلال ميدانيًّا في مختلف البطولات، وأن ما ينقصه لتحقيقها وربما احتكارها هو فقط وجود المهاجم الهداف..
عمومًا انتهت البطولة الآسيوية، لكن طموحات الهلاليين لم تنتهِ، وسيظل حلم تحقيق السابعة قائمًا بالقدر اللائق بمكانة واسم وقيمة الهلال، ولو لم يكن كذلك لما أصبح نادي القرن وسيد القارة وزعيمها بستة ألقاب.. ومن يقرأ المشهد الهلالي بعد خسارة البطولة مباشرة، وماذا قال وفعل الرئيس الخبير الحكيم الأمير نواف بن سعد، سيدرك حقيقة أنه لم يستسلم لأحزانها، وطوى صفحتها، وبدأ من جديد بترتيب أوراقه، وتصحيح أخطائه، ومعالجة نقاط ضعفه.. وهنا يكمن سر الهلال واستمرارية إنجازاته..
فرحة بمذاق الكراهية!
كشفت خسارة الهلال البطولة أن لدى بعض فئات مجتمعنا الرياضي أزمة ثقافية في استيعاب معنى الفوز والخسارة. والأسوأ من هذا أنها أنتجت مفهومًا خطيرًا للفرح بنكهة الحقد والكراهية بسقوط الآخر (الهلال)، وليس احتفاء بتفوقها وإنجازاتها..
مؤلم ومحبط جدًّا حين تتوقف أفراحك وطموحاتك عند عثرات منافسك بدلاً من أن تبتهج وتفتخر بتحقيق انتصاراتك. والأكثر ألمًا أن تعالج أمراضك وتحتوي إفلاسك المتزايد بانتظار حلم خسارة من هو أقوى وأعلى وأفضل منك على يد غيرك، أعجميًّا كان أو يابانيًّا.. وليت الاحتفاء بخسارة الهلال كان في حدوده المعقولة المقبولة في عرف المتنافسين، ومن صغار مشجعين، لكنه تحوَّل - للأسف - إلى كرنفال هستيري باذخ فاضح، يتباهى به ويروج له كبار سن، فيهم المسؤول والتربوي والداعية..!!
ما حدث يؤكد أننا أمام خطر نشر وتكريس ثقافة الغوغائية والأحقاد والضغائن داخل مكونات هذه الفئات المتخلفة المتهورة، وفي فكر وعقول أجيالها التي سوف تتوارث العدائية والكراهية فيما بينها، وهي بذلك تقوم من حيث تدري أو لا تدري بتأزيم حاضر وتدمير مستقبل أبنائها.. لِمَ لا وهي التي نهلت وتمرست هذه الثقافة من سابقيها..؟!
على هؤلاء أن يعوا قبل فوات الأوان كارثة الاستسلام لمستوى عقلياتهم، وطريقة تفكيرهم، وسوء فهم واقعهم، وأنهم هم وحدهم الخاسر المتداعي، بينما منافسهم يعمل ويبذل ويقاتل ليبقى دائمًا وأبدًا الأقوى والأعلى هناك وحده في القمة.