عبد الله باخشوين
في عام 1975 نشر لي في مجلة (اقرأ) تحقيق مصور بعنوان:
- (جدة تغرق في شبر مويه)..؟!
وهي -مع الأسف- منذ ذلك الوقت حتى الآن ما زالت عرضة لحالة الغرق هذه ومنذ ذلك الوقت - حتى الآن - عليك أن ترصد تطور المملكة لتعرف أين كانت وكيف أصبحت جدة.. وتسأل:
- لماذا تغير كل شيء.. وبقيت حالة (غرق جدة) على حالها..؟!
المشكلة أن حالة (غرق جدة) تتم في (موسم الأمطار) العادي والطبيعي الذي يشمل كل مدن وقرى المملكة في مثل هذا الوقت من كل عام.. فيهطل خير السماء على بعض المناطق يوميًا.. وعلى البعض الآخر في أوقات متفرقة لا يعلمها إلا مسخر الريح والمطر سبحانه وتعالى.. لكنه موسم لا تدري مدينة جدة كيف أو أين تهرب منه وهو مساق ومسخر لها بأمر الله.
في ذلك الوقت (1975) قامت قيامة بعض المسؤولين على الدكتور عبدالله مناع رئيس تحرير المجلة.. بسبب نشر الموضوع.. وخصوصًا أن (مطلعة) كان يقول ما معناه.. إن سكان المملكة يصلون صلاة (الاستسقاء) ويدعون الله سبحانه أن يجلب لأرضها المطر ويسهل هطوله.. وعلى العكس من ذلك كان سكان مدينة جدة يدعون الله أن يصرف المطر عن مدينتهم ويعم بنفعه كل المناطق وتسيل على إثره الشعاب والأودية بعيدًا عنهم.
والغريب أن سيل الأودية والشعاب أغرق مدينتهم أيضًا..
منذ ذلك الوقت وجدة.. تعيش حالة (سريالية).. ولا معقولة.. وإلا فهل يصح أن تمنع وزارة التعليم أبناءها من الذهاب للمدرسة خوفًا عليهم من الغرق.. الذي سبق أن اقتطف أرواحًا كثيرة ذهبت لرحمة الله.
وما الذي يمكن أن يحدث.. لو أن الأمطار (في موسمها هذا).. فرضت أحوالها الجوية هطول يومي أو شبه يومي..؟!
أين يفر الناس من رحمة الله.. وهل يعقل أن تستمر وزارة التعليم في منع أولادها وبناتها من الخروج للدراسة.
لا نريد أن نذهب بعيدًا أو نتحدث عن ذلك النوع من مدن العالم الغنية والفقيرة التي يهطل فيها المطر يوميًا لأغلب شهور العام.
ولا حتى للمدن التي تهطل أمطارها موسميًا..؟!
لكننا نريد أن نذهب للبحث عن جواب مقنع لهذا السؤال:
- أين ذهبت أموال الدولة التي كانت ترصدها سنويًا ومنذ عام 1975 ربما - وحتى الآن لمجاري الصرف والسيول في مدينة جدة
زمان كنا نسخر ونقول: إن (فلوس جدة) تذهب لـ(البحر) سخرية من أمانات جدة المتعاقبة التي تترك كل (بلاوي جدة) على حالها وتعمل بهمة ونشاط على رصف وإعادة وتحسين (الكورنيش).
غير أن الذهاب لـ(البحر) أصبح أمرًا واقعًا لكل أحوال (مطر جدة).. لأن آخر مبلغ اعتمد.. وآخر أعمال إنشاءات مجاري تصريف السيول.. لم يكتب لها الله (مطرًا) يجرب عملها وفعاليتها ويؤكد أن مال الدولة لم يذهب إلى (البحر) كسابقه.. وما هطل الثلاثاء الماضي كان أول خطوة تجريبية فعلية أثبتت أن التجربة فاشلة وأن حال جدة باقٍ على ما هو عليه ومنذ عام 1975 وحتى الآن.
طبعًا أنا أشعر بالخجل الشديد وأنا أأورخ لكارثة جدة بمقال (جدة تغرق في شبر مويه) الذي كتب ونشر قبل اثنين وأربعين عامًا بالتمام والكمال - وحسبي الله ونعم الوكيل.