د. أحمد الفراج
بين عامي 2014 و 2016، أدار الرئيس الأمريكي السابق، باراك اوباما، ظهره لحلفاء أمريكا التاريخيين في الخليج، وتحديدا المملكة، وانجرف في مشروع السلام مع إيران، في سياسة ناعمة متوقعة من رئيس يساري، كانت له أسبابه، التي سأكتب عنها مستقبلا، وجدير بالذكر أن إيران لا تزال، رغم الاتفاق النووي، خصما غير موثوق، لدى المؤسسة السياسية الرسمية في أمريكا، ولا يعني انجاز الاتفاق أنها أصبحت دولة صديقة لأمريكا، فالمسألة لا تعدو كون اوباما نهج سياسة ناعمة معها، في مقابل السياسات الخشنة، التي نهجها الرؤساء الآخرون، وقد شدّد اوباما، حتى في أوج التباعد السعودي - الأمريكي، على أهمية المملكة، ودورها المحوري إقليميا وعالميا، ثم جاء، ومعه وفد ضخم، ضم جمهوريين وديمقراطيين، ليهنئ الملك سلمان، بعد وفاة الملك عبد الله، يرحمه الله، في إشارة قوية وهامة إلى أهمية المملكة لأمريكا.
خلال فترة التباعد بين المملكة وأمريكا، كان خصوم المملكة في حالة احتفالات لا تتوقف، ويشمل ذلك ما يسمى المعارضة بالخارج، السنية والشيعية ، وكلا الفريقين يتلقى الدعم من إيران ونظام الحمدين، وكان يساندهم فريق قطر في الداخل السعودي، ونعني بهم الحزبيين، من إخوان وسروريين، فقد كان كل هؤلاء يتباشرون، بسذاجة مفرطة، بقرب سقوط المملكة!، بعد أن نزعت عنها أمريكا الغطاء!، ثم صدر قانون جاستا، الذي تبناه السيناتور الديمقراطي من ولاية نيويورك، تشك شومر، بالاتفاق المبطن مع الرئيس اوباما، الذي استخدم الفيتو ضد القانون، ثم نقض مجلس الشيوخ الفيتو بسهولة!، وحينها زادت وتيرة رقص خصوم المملكة، وأخذ بعض المتعجلين منهم يعدّون العدة لما بعد انهيارها، بل يقال إن مجموعة منهم كانت تعمل على إعداد البيان رقم واحد!، ويزيد البعض بالقول إنهم تخاصموا فيما بينهم، أثناء توزيع المناصب المستقبلية!.
كل هذا انتهى يوم الثامن من نوفمبر 2016، عندما تفاجأت أمريكا ومعها العالم، بخسارة هيلاري كلينتون، ربيبة المؤسسة الرسمية الأمريكية، وهي مفاجأة تاريخية، لا يكفي وصفها بأنها من العيار الثقيل، ثم تطورت الأمور بعد ذلك، لدرجة صعقت كل خصوم المملكة المحتفلين، الذين أخذوا يرددون مقتطفات من كلمات للرئيس ترمب عن المملكة، أثناء حملته الانتخابية، وهي خطب وكلمات، فات على هؤلاء الجهابذة أنها لا يعتد بمعظمها، إذ تأتي غالبا عفوية ومرتجلة، وتهدف لدغدغة مشاعر الناخبين، ثم جاءت اللطمة الأكبر لخصوم المملكة، عندما قرر ترمب أن تكون المملكة وجهة زيارته الخارجية الأولى، كحدث تاريخي غير مسبوق، وهي الزيارة، التي صاحبها عقد قمة إسلامية، وقرارات دولية كبرى، وتبين لخصوم المملكة أن احتفالاتهم ذهبت أدراج الرياح، بعد أن أعاد ترمب العلاقات التاريخية مع المملكة إلى مسارها الصحيح، ثم جاءت الصاعقة، بعد أن رفض ترمب التوقيع على استمرار الاتفاق النووي مع إيران، وأعاده إلى الكونجرس، فهل، بعد كل ذلك، تستطيعون أن تتخيلوا شعور خصوم المملكة هذه الأيام؟!.. شخصيا أستطيع وبسهولة!.