الجزيرة - عوض مانغ القحطاني:
أكد معالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور أحمد بن عبدالكريم الخليفي أن جريمة تمويل الإرهاب تمثل أحد أخطر الجرائم التي تؤثر بشكل كبير على الأنظمة والمؤسسات المالية والاقتصادية والأسواق العالمية واستقرارها وسمعتها، وعلى الأمن والسلم الدوليين، وعملية مكافحتها تواجه تحديات كبيرة، لاسيما في السنوات الأخيرة شهدت تطوراً ملحوظاً وسريعاً في تعدد أساليب وطر ق التمويل. وتتزايد درجة المخاطر التي تواجه الدول مع تطور مستوى التخطيط والتنظيم لدى المنفذين، وتنوع طرق وأساليب التمويل. وأفاد معاليه أن المنظمات الإرهابية تعتمد على طرق عدة لتمويل أنشطتها ولتغطية مصاريفها التشغيلية، حيث تستولي على موارد اقتصادية وطبيعية مهمة، لاسيما آبار الغاز والنفط في بعض الدول، والحصول على أموال الفدية، والاتجار بالقطع الأثرية بعد الاستيلاء عليها، إضافة إلى استغلال بعض القطاعات المرتبطة بالبناء والتشييد في بعض المناطق التي توجد بها تلك المنظمات الإرهابية، والاستيلاء على المؤسسات المالية والمقدرات الخاصة بتلك المؤسسات، ومحلات الاتجار بالمعادن الثمينة كالذهب، والاتجار في القطع المسروقة، والاتجار بالبشر، إضافة إلى الطرق التقليدية التي يتم فيها التمويل من خلال جمع وتوفير الأموال بين المنظمات الإرهابية بعضها البعض، وتلقى دعماً مالياً ولوجستياً من قبل داعمي الإرهاب، عن طريق استغلال الأنظمة المالية العالمية والتقنيات الحديثة في إخفاء تنقل الأموال بين الدول. وأفاد الدكتور الخليفي أن المنظمات الإرهابية تحرص على تنويع مصادر دخلها، كي لا تضطر إلى توقف أعمالها نتيجة قمع عمليات التمويل من قبل السلطات المختصة بمكافحة تمويل الإرهاب، وتستخدم القطاعات الرسمية وغير الرسمية لتمرير تلك العمليات، كما تستخدم أسماء وهمية، وأعمالاً تجارية لتمرير تلك العمليات، مؤكداً أهمية التعاون بين الدول من خلال تعزيز أوجه التعاون الدولي لمكافحة هذه الجريمة التي تهدد الأمن والمجتمع والأجيال القادمة. وبين أنه من أجل مكافحة هذه الجريمة الخطيرة، حرصت الدول على عقد تحالفات وشراكات لتعزيز قدراتها في مكافحة جرائم تمويل الإرهاب، إيماناً منها بأن مثل هذه التحالفات لها دور كبير ومهم في تسهيل تبادل المعلومات بين الدول الأعضاء، ويتيح لها أيضاً فرص تبادل الخبرات والتعرف على أفضل الممارسات والأساليب المتبعة بين الدول في طرق مكافحة هذه الجريمة.وقال الخليفي: «إيماناً من المملكة العربية السعودية بأهمية مكافحة جريمة تمويل الإرهاب في دول العالم، دعمت المملكة منذ سنوات المنظمات الدولية بالخبراء والقدرات البشرية والمالية للمراكز الدولية المختصة بمكافحة تمويل الإرهاب، حيث تعد المملكة أبرز المساهمين في مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، وتتولى حالياً رئاسة المركز، وقدمت مساهمات مالية لهذا المركز بلغت (110) مليو ن دولار أمريكي، استفادت منه دول العالم في بناء قدراتها وتعزيز إمكاناتها في مكافحة الإرهاب، وذلك إيماناً من المملكة بقيادة حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين – حفظهما الله - بأهمية دعم الدول في عملية بناء قدراتها وتعزيز بنيتها التحتية لمكافحة تمويل الإرهاب». وعد الدكتور الخليفي إنشاء مركز التميز لمحاربة تمويل الإرهاب ضمن التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، مشروعاً رائداً وركيزة مهمة في الإسهام بدعم ومساندة دول التحالف في محاربة تمويل الإرهاب، كونه يسهم في تعزيز آليات التعاون والرفع من قدرات الموارد البشرية لدول التحالف في أساليب المكافحة، وهو رسالة تأكيد من دول التحالف للمجتمع الدولي بأسره بأن هناك عزيمة وإصراراً من الدو ل الأعضاء على محاربة تمويل الإرهاب بالتعاون مع شركائه من الدو ل الداعمة، وسيؤتي ثماره حيال فعالية مكافحة تمويل الإرهاب في الدو ل الأعضاء في التحالف. وأبان أن مركز التميز لمكافحة تمويل الإرهاب يهدف إلى أن يكون أحد أهم المنارات الرائدة في تعزيز مفهوم المكافحة على مستوى العالم مستقبلاً، ويسهم في دعم الجهود التي تقوم بها المنظمات الدولية المعنية في هذا الشأن من خلال ما سيقدمه المركز من مساعدات فنية وتدريبية تسهم في الارتقاء بقدرات الدول الأعضاء في التحالف في عمليات محاربة تمويل الإرهاب لديها، وسيساعد في تسهيل عملية التواصل والتنسيق والتعاون مع المجتمع الدولي بهذا الخصوص بما في ذلك الدول الداعمة من أجل تعزيز دور المكافحة، وتبادل أفضل الأساليب والممارسات لمكافحة تمويل الإرهاب. وأشار إلى أن المركز سيكون له دور محوري في إعداد دراسات وتقارير تعد من خبراء دول التحالف، تسهم في إيجاد إجراءات وأفكار تعزيز سبل المكافحة في الدول الأعضاء، وستساعدهم في إثراء وتحليل القرارات التي تتخذها الدول الأعضاء في مجال مكافحة تمويل الإرهاب، إضافة إلى تقديم الاستشاراالفنية للدول الأعضاء في مجال مكافحة تمويل الإرهاب. وأبان أن المركز سيوفر الدعم للدول الأعضاء في إعداد وتطوير وتنفيذ أطر العمل القانونية والرقابية في جميع لدول الأعضاء، والمؤسسات المالية وغير المالية والآليات الملائمة لكشف عمليات تمويل الإرهاب والإبلاغ عنها، ومقاضاة ومعاقبة ممولي الإرهاب، ويسهل في تبادل المعلومات الاستخباراتية المالية من أجل مساعدة الدو ل الأعضاء في مكافحة تمويل الإرهاب، كما سيساعد من خلال البرامج التدريبية والمؤتمرات والندوات في الدخول في شراكات مع المنظمات الدولية والوطنية لتعزيز الإجراءات القانونية والرقابية، وتوجيه الجهود تجاه القطاعات التي تعد أكثر عرضة للاستغلال في تمويل الإرهاب. وأعرب الدكتور الخليفي في ختام كلمته عن ثقته بأن هذا التحالف سيكون له دور مهم في مكافحة جرائم تمويل الإرهاب والتصدي لمرتكبيها، وسيسهم في تعزيز ودعم العلاقات ومبدأ التعاون والتواصل بشكل مباشر وسيؤدي إلى استمرار تطوير وتحسين وتعزيز المكافحة وأنظمتها على دول التحالف والدول الداعمة.