ياسر صالح البهيجان
كان لقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في صحيفة نيويورك تايمز ومع الصحفي الأكثر شهرة في الولايات المتحدة الأمريكية «توماس فريدمان» مفاجئًا للإعلام الغربي بشفافيته ووضوحه ودقّة إجاباته، ومن المعروف لدى المجتمعات الغربية أن الصحفي فريدمان متخصص في طرح الأسئلة الشائكة والمعقدة والأكثر حساسية، لكنه هذه المرّة قابل مسؤولاً شابًا يمتلك رؤية طموحة واستثنائية، ورغبة جامحة في تطوير وطنه وإحداث نقلة غير مسبوقة جديرة بأن تبهر العالم.
حملت بعض أسئلة «فريدمان» طابع الاستفزاز كعادته، ومنها عندما أشار إلى أن حملة مكافحة الفساد تأتي من منطلق رغبة ولي العهد في انتزاع السلطة - على حد وصف فريدمان-، وما كان من الأمير محمد إلا أن ابتسم للصحفي الأمريكي، وقال: «هذه ادعاءات سخيفة»، ولم يبدِ أي امتعاض من طبيعة السؤال أو حتى يرفض الإجابة عنه كما هي عادة عدد ليس بالقليل من المسؤولين عندما تُطرح عليهم أسئلة حساسة أو غير لائقة.
حديث ولي العهد لم يكن إنشائيًا، وإنما أتى حافلاً بالأرقام والإحصاءات الدقيقة التي تؤكد بأنه محيط بأدق التفاصيل، ومنها أن 10 بالمائة من ميزانيّة الدولة في الأعوام السابقة كانت ضحية لفساد المسؤولين والشخصيات المتنفذة، وأن 95 بالمائة من الموقوفين في تهم الفساد يفضلون إعادة الأموال المسروقة إلى خزينة الدولة مقابل إطلاق سراحهم، وهذه الأرقام رغم حساسيتها في هذا التوقيت إلا أن الأمير محمد لم يتوانَ في الكشف عنها، تأكيدًا لمبدأ الشفافية، وإشارة إلى أن السعودية اتخذت فعلاً نهجًا جديدًا يؤمن بثقافة الإفصاح والوضوح.
وبعد فراغ الصحفي فريدمان من حوار ولي العهد، قرر الاتجاه نحو الشارع لاستطلاع رأي المواطن السعودي عن تحركات الأمير محمد بن سلمان ومدى رضاه عن القرارات التاريخيّة التي اتخذها، فوجد تأييدًا عارمًا وتحديدًا فيما يتصل بقضايا الفساد، حتى قال فريدمان: «الأغلبية الصامتة في المجتمع السعودي تحدثت، وأيدت بقوة محاسبة من سرقوا أموال دولتهم، وحملت نظرة إيجابيّة تجاه إعادة الإسلام إلى نموذجه المعتدل».
الصورة الذهنيّة الصحيحة التي تشكلت لدى فريدمان عندما زار المملكة، جديرة بأن تحفّز الصحفيين المهنيين في أرجاء العالم كافة للتعرف على السعودية الجديدة عن قرب بعيدًا عن التصورات النمطية التقليدية أو الادعاءات المأجورة والجائرة.