هاني سالم مسهور
تمكنت الدبلوماسية السعودية مرة أخرى من تحقيق انتصار لافت في المحافظة على التوافق الدولي حول اليمن، هذه المرة من خلال إقناع الدول الأوروبية والدول الأخرى الداعمة لمشروع القرار الهولندي الداعي لإنشاء لجنة تحقيق دولية في اليمن بسحب مشروع قرارها بالتمسك بمشروع القرار العربي الداعم للجنة الوطنية اليمنية للتحقيق، ودعمها من خلال تشكيل مجموعة من الخبراء الدوليين في مجال حقوق الإنسان من قبل المفوض السامي، والقرار الذي تم اعتماده من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في دورته الحالية الـ36 هو امتداد لقرار دورة المجلس 33 في سبتمبر 2016م، لكن أين هي قطر من كل هذا؟ وأين كان إخوان اليمن في التآمر على التحالف العربي في هكذا مجريات؟
استعدت قطر لهذه الدورة مُبكراً فلقد قدمت دعماً مالياً إلى إخوان اليمن في تركيا وتمحور العمل على الإخوانية توكل كرمان تحديداً، ففي نهاية مايو 2017م ظهر تقرير حقوقي صادر عن منظمة سام، تحدث ذلك التقرير عن اتهامات للتشكيلات الأمنية (الحزام الأمني والنخبة الحضرمية) بإدارة سجون سرية في المُكلا وعدن، ووجه التقرير اتهامات مباشرة لكل من السعودية والإمارات بأنها تشرف على تعذيب معتقلين في تلك السجون وأن انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان تحدث في المحافظات الجنوبية منذ 26 مارس 2015م.
كان التقرير يحتاج إلى حامل إعلامي للترويج له، وتحملت في هذا المسار (قناة الجزيرة القطرية) الدور الأكثر نشاطاً لمخاطبة الشريحة العربية الدولية، بينما عملت القنوات الفضائية اليمنية التابعة لجماعة إخوان اليمن ذلك الدور الممنهج من خلال تركيا التي تحتضن العديد من القنوات الفضائية اليمنية والتي تمولها توكل كرمان مع فريق واسع من نشطاء تنظيم الإخوان المسلمين من مختلف الدول العربية.
تحول ذلك التقرير إلى أكثر التقارير نشاطاً في الإعلام بعد قطع العلاقات مع قطر في بداية يونيو 2017م، حاولت قطر من خلال هذا التقرير تحديداً تفكيك الشراكة السعودية الإماراتية في عملية «عاصفة الحزم»، كانت المحاولات شرسة باستخدام عدد واسع من تقارير مغلوطة حول مزاعم لقناة الجزيرة أدعتها عبر ما سُمي أنه اختراق للبريد الإلكتروني لسفير الإمارات في الولايات المتحدة يوسف العتيبة أكد فيه صحة ما ورد في تقرير منظمة سام.
وحتى يتم كشف الحقيقة للرأي العام فلا بد من معرفة ما هي منظمة سام للحقوق والحريات أولاً، ففيما تدعي المنظمة أن مقرها جنيف فالعنوان لم يكن صحيحاً واتضح أن مسجلها باسم مطعم تايلندي باسم (Thai Phuket) وهي غير مسجلة رسمياً لدى السلطات السويسرية لعدم وجودها حقيقة إنما يوجد أفراد منتمون لجماعة إخوان اليمن يصدرون تقارير عبر هذا الحساب على مواقع التواصل الاجتماعية، ولإضفاء نوع من الاهتمام فلقد أظهرت وسائل الإعلام التابعة لإخوان اليمن العشرات من النشطاء للحديث المطول حول مصداقية التقرير وأدعت في عدد من تقاريرها أن أعضاء في الكونجرس الأمريكي وأعضاء من الاتحاد الأوروبي اطلعوا على ذلك التقرير وأن هناك تفاعلاً دولياً حول ما أوردته منظمة سام.
مغالطات التقرير والافتراءات الواردة فيه فندتها اللجنة الوطنية اليمنية للحقوق الإنسان وهي التي شُكلت في 2014م بعد الانقلاب مباشرة، وتم تجديدها بتوجيهات رئاسية في 2017م وأصدرت تقرير يكشف حقيقة أن الموقوفين في السجون بكل المحافظات المحررة هم على ذمة التحقيق وينتظرون إحالتهم إلى القضاء لمتابعة محاكمتهم، لم تتوقف اللجنة الوطنية اليمنية عند هذا الحد فلقد كشفت أن الحوثيين قاموا منذ 2015م على تجنيد 20 ألف طفل في الحرب، وأنها عمدت إلى عمليات سطو على بنوك ومصارف حكومية وأهلية ومنازل ومواقع دبلوماسية وحكومية، كما تم إثبات استخدام المدنيين كدروع بشرية إضافة إلى جرائم خطف موزعة على عدة محافظات يمنية، كما أوردت اللجنة مجازر الحوثيين في عدن ورصدت أعدد الضحايا وأسماءهم في تقريرها الذي عرضته على مجلس حقوق الإنسان.
قطر وإخوان اليمن عمدوا إلى محاولة توريط التحالف العربي وتدويل التحقيقات بقصد الإضرار بعملية عاصفة الحزم ومحاولة المقايضة السياسية في مواقف الدول الرئيسة السعودية والإمارات وإغراق اليمن في فوضى عارمة من التدويل الذي دفع ثمنه كبيراً السوريين والعراقيين بينما حافظت القيادة السعودية على اليمن وحرصت منذ تبني المبادرة الخليجية على إبعاد اليمنيين من انزلاقات واستغلال لهذه الأزمة التي ما زال مركز الملك سلمان للخدمات الإنسانية والإغاثية والهلال الأحمر الإماراتي يقدمان الكثير من أجل التخفيف من الأزمات الإنسانية والإغاثية بما في ذلك تقديم الأمصال لمكافحة وباء الكوليرا والتخفيف منه بالقدر المستطاع في ظل استمرار الانقلابيين المستمر بتعطيل جهود الإغاثة الإنسانية.
ما حققته الجهود الدبلوماسية السعودية والمصرية التي تمثل المجموعة العربية في الدورة السادسة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان يضاف إلى اليمن ومستقبله وحمايته من أذرع قطر الإجرامية التي ما زالت وستبقى تحاول فرض الفوضى على اليمن وهو ما يجب أن تعيه كل القوى الوطنية حول التآمر القطري مع إخوان اليمن واستهدافهم الدائم لأمن واستقرار الجزيرة العربية.