يوسف المحيميد
كثيرون يتخوفون من الإجراءات التصحيحية التي تقوم بها المملكة على مستوى الاقتصاد، بالتزامن مع خطوات جادة في القضاء على الفساد، والذي ثبتت جديتها وصرامتها، وكما صرَّح ولي العهد لصحيفة نيويورك تايمز، أن القضاء على الفساد فشل في السنوات الماضية لأنه يبدأ من الأسفل، والصواب أن يبدأ من الأعلى، من الكبار الذين تؤثر تصرفاتهم على ميزانية الدولة، واقتصاد الوطن. فهذه الخطوات التطويرية في البلاد، بكل إجراءاتها التصحيحية القادمة، ستجعل المملكة أكثر موثوقية وجذبًا للاستثمارات الأجنبية، والشركات المشتركة والمتعددة الجنسيات.
ويؤكد ذلك تقرير دولي يشير إلى أن السعودية تمضي على الطريق الصحيح للانضمام إلى مؤشر FTSE ومؤشرات MSCI للأسواق الناشئة في عام 2018، وينبغي أن تكون من ضمن أفضل عشر أسواق على قائمة الأسواق الناشئة، وهي الأسواق الجديدة الجاذبة للاستثمار، وربما ذلك ما كنا نفتقده منذ سنوات بعيدة، في أننا لسنا نقطة جذب كبيرة، رغم كل ما نمتلكه من مقدرات وتسهيلات وكفاءات، وهو ما لم تنجح فيه هيئة الاستثمار، في ظل بيئة لم تكن جاذبة بشكل يتناسب مع مكانة المملكة في الاقتصاد العالمي.
لقد كان الأمر يحتاج إلى إصلاح شامل، على كافة المستويات، من بينها المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وضرورة الاندماج في تركيبة العالم، وطريقة عيشه وحياته، بعيدًا عن أوهام خصوصيتنا، التي ستصبح من الماضي البعيد، ولعل أبسط الأشياء التي نصطدم بها مع العالم وأسواقه، أن خصوصيتنا جعلت لنا إجازة مختلفة تمامًا عن الآخرين، فلا نلتقي معهم إلا في ثلاثة أيام أسبوعيًا، وكأننا في كوكب آخر، وها قد تغيرت الإجازة دون أن نشعر بها، بل اكتشفنا أنها جعلتنا نتواءم مع العالم، وأسواقه واقتصاده ومجتمعاته الأخرى.
وهذا مثال بسيط كان يلقى مقاومة وممانعة من البعض، لكن الدولة الآن اختلفت كثيرًا، فهي تسير نحو الأمام بلا تردد، وكما يشير ولي العهد في حواره المهم مع توماس فريدمان: »أخشى في اليوم الذي يتوفاني فيه الله عدم إنجاز ما أود إنجازه، الحياة قصيرة جدًا وبالإمكان عمل الكثير، وأنا حريص لرؤية هذه الإنجازات بأم عيني، لهذا السبب أنا في عجلة من أمري».
نعم الحياة قصيرة، وسنتخطى كل من تجاوزنا أثناء غفلتنا قريبًا جدًا، لدينا الإمكانات والكفاءات والإدارة والطموح الكبير.