ياسر صالح البهيجان
عادة ما تبدي المجتمعات انزعاجها من فرض أي رسوم أو ضرائب على السلع والمنتجات والخدمات، لأن تلك الرسوم ستزيد من التكلفة النهائية التي سيتحملها المستهلك، ولكن هل تساءلنا يومًا: لماذا تتجه الحكومات إلى فرض الضرائب؟ وما الإيجابيات التي ستنعكس على المجتمع عند تنفيذها؟
الحكومات مهما بلغت قوّة اقتصادها وحجم إيراداتها، تظل بحاجة إلى إيرادات أكبر لاستمرار مساعيها في الإنفاق على المشاريع التنموية، لتواصل ضخ الأموال لتلبية احتياج المجتمع في إنشاء المؤسسات التعليمية والصحية وغيرها من الخدمات، إضافة إلى تطوير البنية التحتية، وتوفير مرتبات موظفي القطاعات الحكومية، ودعم برامج الضمان الاجتماعي والمعاش التقاعدي وتوفير الإسكان وتحسين المشهد الحضري في المدن والمحافظات، وما تلك القائمة إلا غيض من فيض التكاليف الملقاة على عاتق الحكومات المطالبة بالحفاظ على مستوى إنفاق يحقق التوازن الاقتصادي.
لذا فإن الحكومات عندما تتجه إلى فرض الرسوم والضرائب فإنها لا تسعى إلى الإضرار بالمواطن والمقيم، وإنما لتوفير عائد مالي يمكّنها من تحسين جودة الخدمات المقدمة للمجتمع، على سبيل المثال، تطوير الطرقات وتنظيم أعمال صيانتها، تشجير المدن وإضفاء طابع جمالي عليها، تحسين بيئة المدارس والمستشفيات للارتقاء بمستوى خدماتها، تطوير المطارات المحلية والدولية لمواكبة النماذج العالمية، تقديم برامج وفعاليات سياحية وترفيهية لزيادة مستوى الرضا المعيشي، وغيرها من مساعي التحسين التي تشمل القطاعات كافة.
ويمكننا القول إن فرض الضرائب بحد ذاته ليس أمرًا سلبيًا بشرط أن يلمس السكّان تحولاً إيجابيًا في الخدمات المتحصلة بعد التزامهم بدفع الضريبة، أما إن استمرت الخدمة بذات المستوى دون أي تحسن، فإن الضرائب حينها تصبح موضع تساؤل لكونها غير مجدية، ما يتطلب إعادة النظر في آلية فرضها وطرق الاستفادة من عائداتها.
حاليًا، تمر المملكة بمرحلة تحول اقتصادي أثبت كفاءته بشهادة المنظمات الدولية، لذا فإننا نستبشر خيرًا في أي خطوة تخطوها الحكومة في هذا الصعيد، وعلينا ألا نستعجل النتائج، لأننا في العقود الماضية كنّا نسير دون رؤية واضحة أو تنمية بعيدة المدى، ولا شك أن لتلك المرحلة تبعاتها التي لا يمكن التخلص منها بسهولة، ولكن ما تحقق خلال الأشهر الماضية يبعث على التفاؤل، ويدفعنا للإيمان بضرورة التكاتف جميعًا حكومة وشعبًا للارتقاء بمستوى اقتصادنا، وتحسين جودة الحياة داخل مجتمعنا.