سعد بن عبدالقادر القويعي
أن ندرك تاريخياً حقيقة العلاقة المشبوهة بين المطلق، واللامتناهي، فإنّ ذلك يقتضي فهم معادلة التقية السياسية التي جمعت بين حماس السنية، وحزب الله الشيعي على أجندات لتاريخ أسود طويل من العلاقات المشبوهة، وموج الاستقطاب السياسي باللعب على الوتر الديني ؛ فعبرت عن غلبة اللغة السياسية البراغماتية على الخطاب الأيديولوجي ، بدون المس بثوابت البنية الصلبة، وذلك في ظل سعيهما الدؤوب إلى أن يكون لهما دور - إقليمي ودولي - مؤثر؛ حتى ولو كان على حساب الأمن القومي - العربي والخليجي -، - لا سيما - بعد أن أصبح الحزبان أداتين مرتهنتين، وموظفتين لدى السياسات الخارجية الإيرانية؛ لتحقيق مكاسب سياسية، وذلك عبر ممارسة الضغوط على العديد من الدول العربية، وباعتبارهما المسوغ المشترك؛ من أجل بقاء الحلف القوي بينهما. حماس لم تكن في يوم من الأيام تمتلك زمام أمرها في أية قضية من القضايا المصيرية ؛ ولأنها تزعم المقاومة ؛ من أجل تحقيق الحلم الصفوي في المنطقة، فلم يكن مستغرباً - حينئذ - أن يبادر بالرد سريعاً موسى أبو مرزوق - نائب رئيس المكتب السياسي لمنظمة حماس - على بيان وزراء الخارجية العرب ؛ باعتبار حزب الله اللبناني منظمة إرهابية، وذلك في ختام اجتماعهم بالقاهرة ؛ وليؤكد بأنّ: «حزب الله ليس منظمة إرهابية»؛ من أجل أن يقيم حسابات - المكسب والخسارة - على نحو يعطي أهمية لمتغيرات أخرى نابعة من الظروف التي يعمل فيها ، وهو ما يعتبر عائقاً دون حلحلة الصراع مع إيران ، حيث استدعت هذه السياسة الخاطئة، والتي تنتهجها حماس إلى إعادة النظر في طبيعة الدور الذي يمكن أن يلعبه هذا النمط من الفاعلين في عمليات إعادة البناء في فترة ما بعد الصراع.
في جل ساحات التغيير، فإنّ المعادلة لا تستقيم على وتيرة واحدة؛ الأمر الذي سيستوجب ضرورة التبصر بمخاطر الانزلاق بمحاور السياسات الضيقة التي تعزل القضية الفلسطينية عن محيطها - العربي والإسلامي -، والتي لا تتناسب مع الحد الأدنى لحقوق الشعب الفلسطيني ؛ كونها لا ترى فرقاً بين ما يسمّى بمعسكر المقاومة، أو الممانعة، أو حسب التسميات التلميعية التي تطلقها مؤسسات لا تضع للعقيدة الصحيحة وزناً، - إضافة - إلى أثر التداعيات المترتبة على ذلك، فيما يتعلق بتوجهاته الرسمية، وبالسياسات الفعلية الداخلية، أو الخارجية التي يتبناها، ويتمتع بشرعية ما في سياساته، وسلوكه. كثيراً ما كانت التساؤلات مشروعة حول طبيعة العلاقات التي تجمع حماس بحزب الله، ويظهر ذلك جلياً من سياقها التاريخي الذي يدل على أنها أكثر من مجرد علاقات بين طرفين ؛ ولأنّ التدخلات - الإقليمية والدولية - قد اقتربت، وما يلوح في الأفق من حلول إقليمية في العراق، وسوريا ؛ للموازنة بين ساحات التغيير ؛ ولإعادة ترتيب الأوضاع في المنطقة، والتي كبدت حماس أكلافاً سياسية وازنة، فإنّ على منظمة حماس التخلي عن فكرة المقاومة من خارج عباءة السلطة الفلسطينية، وأن تتحول من الحركة إلى حزب سياسي - فقط -، أكثر منه جماعة مُقاومة لها أجنداتها، وتحالفاتها الخاصة.