الثقافية - محمد المرزوقي:
قال الناقد الدكتور سعد البازعي، في حديثه لـ»الثقافية»، عن مدى قدرتنا على (تصدير) نقدنا إلى الآخر: علينا حينها أن ننتج نقدًا جديرًا بالتصدير، من خلال وعينا بالنظريات النقدية المعاصرة، مستوعبين لها، وللأدب المعاصر، ملمين بأدبنا أولاً، وبالآداب العالمية ثانيًا، لنستطيع أن نحدث مفاعلة بين هذه النظريات وبين المعطى الأدبي، فعندما نفعل ذلك سننتج نقدًا يحتاجه الآخر، ويسعى إليه، وهذا ما حدث - مثلاً- مع نقاد عرب كأدوارد سعيد، وإيهاب حسن، وعبد الفتاح كليطو وغيرهم، ممن كان لهم حضور عالمي، لما امتلكوه من وعي بالأدب الحديث، والمعطيات الأدبية من نصوص وغيرها، لأحداث حالة من التفاعل مع الآخر.
وعما يمكن وصفه بطغيان «الذائقة» على بعض الجوائز العربية، قال البازعي: مشكلة بعض الجوائز تأثرها بالمناخ السياسي، ومع ذلك تبقى الجوائز اجتهادات إنسانية مهما كانت لجانها، إلا أن الجوائز في نهاية الأمر تظل بحاجة إلى إخضاعها لمعايير صارمة عند المنح، لتكون على مستوى من الشفافية، وهذا ما يميز بعض الجوائز عن بعضها الآخر، لذلك لا نعرف لجان جائزة ما، وكيف تعمل لجنة أخرى وفقًا لمعياريتها، ومنها ما يبدأ بالإعلان عن أسماء لجانها، كنوع من الموضوعية أو الحياد، وأخرى لجانها من دول مختلفة، وبعض الجوائز العربية استقطبت محكمين غير عرب، ما يجعل هذا تحديًا أمام الجوائز العربية، لتثبت أنها على قدر كبير من المسؤولية، وأن قيمتها ليست محصورة في ماديتها، فجائزة (غنكور)الفرنسية - مثلاً - التي تعد أبرز جائزة أدبية في فرنسا، قيمتها المادية بسيطة، إلا أن قيمتها المعنوية ضخمة، لأنها تؤدي إلى قيمة مادية تضاف إلى البعد المادي فيها، نتيجة لما يترتب على الفوز بها من طباعة للعمل الفائز، ومن ثم تسويقه بأسعار عالية، ما يجعل القيمة المعنوية هي القيمة الحقيقية، لذا نأمل أن تكون جوائزنا العربية بهذا المستوى؛ مؤكدًا أهمية عودة (جائزة الدولة التقديرية) ولو بصيغة أخرى، لما تمثله جوائز الدول من قيمة معنوية، ومكانة بين الجوائز؛ مؤكدًا على أهمية دعم الآداب والفنون، والاحتفاء بها منجزًا، وتكريمًا. وقد أقام نادي الرياض الأدبي أمسية احتفائية، مساء أمس الأول، بمناسبة فوز البازعي بـ«جائزة السلطان قابوس التقديرية للثقافة والفنون والآداب»، في دورتها 2017م، وأدار اللقاء خلف الثبيتي، واستهلها رئيس أعضاء مجلس إدارة النادي الدكتور صالح المحمود، بكلمة تحدث فيها عن البازعي (إِنسانًا)، عبر محطتين من العمل معه: أدبي الرياض؛ ومشروع موسوعي وطني؛ مضيفًا المحمود: «حتى لا يكون الاحتفاء في ليلة عابرة، فقد قرر النادي إعادة طباعة كتاب (ثقافة الصحراء) الصادر 1991م، وكتاب (إحالات القصيدة)، الصادر 1999م؛ تلاها المداخلات الرئيسة، التي بدأها الدكتور صالح معيض الغامدي، متحدثًا عن وقفات لملامح منجز البازعي، جاء منها: تنوع الجهود العلمية، الانفتاح على الآخر، الاهتمام بالشعر الذي لم يقص بقية الأجناس الأخرى، إلى جانب اهتماماته في الفكر والفلسفة؛ فيما جاءت مداخلة الدكتور إبراهيم عزيزي، عن القلق العلمي عند المحتفى به، وحضوره في منجزه باتجاه المعفة، بوصفه محفزًا، وبوصفه مسؤولية لدى البازعي كاتبًا وناقدًا ومترجمًا؛ فيما جاءت آخر المداخلات الرئيسة للدكتورة بسمة عروس؛ التي استعرضت جوانب من منجز البازعي النقدي، من خلال انفتاحه على عالم الأدب الغربي، وانتمائه الثقافي العربي، وما تميزت به أطروحاته من دراسة ومحاورة لذلك الأدب، متسائلة عن الأثر (ما يبقى) من الكتابة، متسائلة عن دور الجوائز في لفت نظر التلقي، أو إحداث أثر ما تجاه دور لكاتب، أو أثر لمنجز.