الثقافية - محمد هليل الرويلي:
بعد أن مضت ركائب الثقافية في الجزأين الماضيين من «رقيم ودهاق الجزائر» أتت على ملفات ومحاور ساخنة من المنعطفات والقناطر العبورية شديدة الحساسية التشكلانية على المشهد هناك نستكمل المضي ونستحث السير قبل غروب الجزء الأخير حول واقع المهرجانات التي أخرجت النساء لمنصات الإبداع الشعرية والرقص الشعبي والفلكلوري, وعند الهزيع نسامر الفرانكفونيين وتصديهم لمهاجمات العامة, ونتتبع محطات السينما التي استطاعت أن تخرج من دوائر التبعية والاتباعية إلى آفاق الاستقلالية والإبداعية بعد أن كان الفرد الجزائري صورة نكرة وديكورًا صامتًا في السينما الكولونيالية ونستمع لتنادي أصوات إعلامية ناقدة بغيتها إعادة مفهوم ومحتوى الخطاب المتجامد المتراجد من هزالة المحتوى الثقافي الذي تطرحه.
ثقافة المهرجانات في الجزائر تخرج النساء من بيوتها
إن المهرجانات الثقافية تقوم على نمط من الفرجوية والإشهارية التي تستطيع الوصول إلى عقول كل الطبقات الاجتماعية على اختلاف مستوياتها الثقافية والتعليمية، وهي أيضًا الوسيط الثقافي الذي يجمع طبقة النخبة بالطبقة العامة، ومجال التعبير عن كل المكبوتات النفسية، والآراء الإيديولوجية هذا ما تراه الدكتورة نعيمة بولكعيبات، وترى أن الجزائر من الدول التي أولت أهمية كبيرة للمهرجانات، وأدركت دورها في تنمية الفكر الاجتماعي، وتطوير الإبداع، والاهتمام بدور الثقافة في بناء المجتمع، فأسست مهرجانات تتنوع بين ما هو محلي، ووطني، ودولي. في كل ولاية. كالمهرجان الدولي للرقص الشعبي، ومهرجان الجزائر الدولي للسينما، والمهرجان الدولي للمالوف، والمهرجان المغاربي للموسيقى الأندلسية، والمهرجان الدولي لموسيقى الجاز.
استرجاع ذاكرة الجزائريين الثقافية
وأضافت: إن هذه المهرجانات لعبت بعد العشرية السوداء دورًا في ردم الهوة التي حدثت في فترة الإرهاب، وسمحت باسترجاع ذاكرة الجزائريين الثقافية من خلال المهرجان الوطني للأغنية الشعبية، والمهرجان الوطني للمسرح المحترف والهواة، والمهرجان الوطني للفيلم الأمازيغي، والمهرجان الوطني لمسرح الأطفال. فتنوع الاهتمام بتاريخ الجزائر الثقافي والانفتاح على ثقافة الآخر، كما أسهمت في إعادة الاعتبار إلى ثقافة الهامش مثلما تجسد في المهرجان الوطني للشعر النسوي الذي أخرج المرأة المبدعة من البيت؛ فهو ومنذ تأسيسه سنة 2008 سعى إلى خلق فضاء رحب لإبداعات المرأة الشعرية، فتم اكتشاف مواهب أدبية وشعرية نسائية وطور الذائقة الأدبية لدى المبدعات اللواتي تجاوزن البوح عن مكنونات ذواتهن، إلى التصدي للموضوعات الكبرى التي كانت حكراً على الرجال.
جوائز الجزائريين في الخارج الثقافة المهاجرة
الباحثة والكاتبة نسيمة بوفراش تطرقت بدورها للجوائز التي تحصل عليها المبدعون من أبناء جلدتها والذين ظل بعضهم أسيرًا لتداعيات وظروف الاستعمار والمهجر غير أنه ظل وفيًا لديمومة الهوية الداخلية، وقالت: ما كان المثقف الجزائري بدْعًا من المثقفين الذين نالوا الجوائز تنافسًا، أو تقديرًا لهم، ولقد تجلى ذلك منذ أحلك ظروف ليل الاستعمار، حيث كان ترشيح الجزائريين لنيل جائزة بالنسبة للسياسة الاستعمارية الفرنسية دليل اعتراف من الجزائريين الذين أتقنوا لغته، بأنهم جزء منه، على الرغم من أن الجزائريين والذين أعوزتهم معاول التعبير بلغتهم الأصلية، انخرطوا في التعبير عن معاناة الشعب الجزائري، فكتب مولود معمري أول رواية له «الهضبة المنسية» ومنحته فرنسا الاستعمارية جائزة رفض استلامها.
وأضافت: بعد الاستقلال قاد المبدعون الجزائريون روح التنافس والثقة بإمكاناتهم الإبداعية إلى الظفر بنصيب معتبر من تلك الجوائز؛ يكفي استحضار أسماء من نوع عبد الرحمن الحاج صالح، واسيني الأعرج، ناصر سالمي، عبد الله حمادي، نسيمة بوصلاح، بغداد السايح، يوسف وغليسي ، رحمة أوريسي، آمنة بلعلى، وغيرهم كثير، كي ندرك أن المثقفين الجزائريين قد كان لهم نصيبٌ من أرفع الجوائز العربية والعالمية (قونكور، كان، جائزة الملك فيصل العالمية، جائزة الشيخ زايد للكتاب، جائزة البابطين، جائزة كتارا، جائزة ابن بطوطة للأدب الجغرافي،...).
وتابعت: غير أنه في ظل طغيان ثقافة المهرجانات والثقافات الهامشية، فرض على كثير من المثقفين والعلماء الانتقال إلى الخارج لتنفجر طاقاتهم ويرتقون في سلم العلم ويصلون إلى أقصى درجاته، ويكرمون بجوائز مثل البروفيسور «الياس زرهوني» المتحصل على «وسام جوقة الشرف» وهو أعلى وسام تقدمه فرنسا» للمفكرين البارزين، دون اعتبار لعرق أو دين.
وزادت: على الرغم من مساهمة الجزائر في صناعة الشخصيات الثقافية، فإن كثيرًا منهم عانوا من التهميش وعدم إيجاد الفضاء اللائق لتفجير طاقاتهم الإبداعية، على الرغم من الفكر التنويري الذي حملوا لواءه، فكانوا مرجعًا من مراجع الفكر المعاصر كمحمد ديب وآسيا جبار، ومولود معمري، ومحمد أركون ومالك بن نبي الذين استطاعوا إخراج الثقافة الجزائرية من المحلية إلى العالمية، واقتدى بهم مثقفون آخرون واصلوا المسيرة باقتدار حكيم، كـ»واسيني الأعرج»، و»ياسمينة خضرة» و»أحلام مستغانمي: والعالم اللساني «عبد الرحمن الحاج صالح» صاحب «النظرية الخليلية الجديدة» التي تضاهي النظريات اللغوية الغربية المعاصرة، والذي منح جائزة «الملك فيصل» تقديرًا لمجهوداته.
إن الجوائز الثقافية والعلمية التي يتحصل عليها الجزائريون في كل سنة، لدليل على شعب معطاء أسهم منذ القديس أوغسطين إلى الأمير عبد القادر، في إرساء معرفة أسهموا بها في الفكر العالمي، غير أن هجرة الأدمغة وجوائز الجزائريين في الخارج، تعبر عن مكانة المثقف في الجزائر، هذه المكانة التي تعكس سياسة ثقافية لا تزال تراوح مكانها بين برامج ثرية وواقع لا يأبه بها.
* اختيار الوطن الذي يأبى أن يخرج من منفاه
وحول « الفرانكفونية» المتمددة من الأوساط المغاربية والجزائرية بشكل خاص قالت الكاتبة الدكتورة هدى درويش: من يستطيع أن ينفي أن نخبة المجتمع في الجزائر هي نخبة ذات توجه فرانكوفوني, هي قوة مدنية قائمة بذاتها اجتماعيًا وثقافيًا. «الفرانكوفونيا» فرقا عن «الفرانكوفيليا» هي ذلك الاختيار الإجباري المتجذر لتوجه ثقافي عمره بعمر الاستقلال السياسي للجزائر.
وبعيدًا عن الكروت المستهلَكَة المحروقة والتي لا يتوقف عن لعبها البعض في ربط اللغة الفرنسية بتوابع الحقبة الاستعمارية بصورة مطلقة عمياء, وتحريك العامة ضدها باعتبارها وجهًا للابتعاد عن الهوية العربية والأمازيغية للبلاد, بالانسلاخ - بدعوتها إلى التحرر زورًا من القيم الدينية التي تحزّب بها البعض هنا لأغراض لا تمت للروحانية التعبدية بأية صلة ومن ثمة توّلد هذا الصراع الفصامي دون تعبيد مسلك واحد لفرضية الازدواجية التي تثري حقيقة الوجه الإبداعي في الجزائر والمغرب الكبير.
وأضافت «درويش»على سيرة الشغف تتزاحم هذه الأسماء مالك حداد, محمد ديب, كاتبيا سين, مايسة باي, ياسمينا خضرا, كمال داوود, طاووس عمروش, نبيل فارس, كاتب ياسين , مالك علاوة, الطاهر جاووت وغيرهم فحزمة الكتاب الفرانكوفونيين في الجزائر لا يمكن ربط وسطها بحبل مهما كان طول أنفاسه. إنها كتابة حملت راية الأدب الجزائري ووُجدتْ أدبيًا على الساحة قبل أن تستفحل الكتابة المُعّربّة وتعرضت وما زالت تتعرض لمواضيع شائكة يتردد أمامها الكّتاب باللغة العربية.
وأكدت: أن الكتابة الفرانكوفونية هي توثيق للمحظور و كسر «للطابوهات», هي الصراخ بالأنامل بما لا يجوز ذكره جهرًا, هي التي جعلت «الحومة» الجزائرية البسيطة بكل تناقضاتها تُخيل للقارئ على أنها سحرٌ يستحق الاطلاع على عتبة العالمية وهي ذات الكتابة التي يشار لها مع الأسف بأصابع اتهام عارية النوايا حين يتعلق الأمر بعلاقة المجتمع بالنخبة وعلاقة القارئ بالكاتب, علاقة معطلة بالحواجز والأحكام والمقاصل والضرائب.
* الفرانكفونية لا تعني الإقامة خارج الهوية!
وزادت: الفرانكوفونية لا تعني الإقامة خارج الهوية وتواجدها لا يعني إقصاء العربية، وليس هنالك في رأيي من أزمة سوى في عقول الظلاميين, فالهوية لا تُكتب على ورق رواية، ولا تحمل في جواز سفر، ولا توثقها جنسية الكاتب الحقيقي يذهب حيثما شاء ولا ينسى من أين جاء والهوية لم تُخلَق لتقيم في الأصابع بل خُلقتْ لتسكنَها الأرواح.
سأذكر قبل أن أنهي تصوري المتشكل عن قناعة ككاتبة جزائرية مُعّربة لم تكتب باللغة الفرنسية يومًا إن التحريف المتعمد لمثل هذه المفاهيم كان تمهيدًا محسوبًا بدقة قبل نصف قرن من الزمن لتحويل الوطن الجميل إلى مقبرة لا تصلح سوى لابتلاع الجثامين الحية, كرصيف أزهار أبكم لا يكترث لأنوار الحضور لكنه يتسع لدفنها في فجيعة الغياب, لقد كانت «آسيا جبار» آخر شمسٍ غنّتْ في سماء الجزائر أنشودة «موت الغريبة». هي ضريبة الرقيم الذي يعلو على الرقيب وبتهمة الخروج عن المألوف يجرعنا الدهاق المرّ.
محطات هامة في السينما الجزائرية
وعن تشكل الفن السينمائي في الجزائر والتحولات التي صاحبته منذ النشء كشف الباحث عزيز نعمان - جامعة تيزي وزو أن السينما الجزائرية اجتازت محطات كبرى استطاعت أن تنتقل عبرها تدريجيًا من دوائر التبعية والاتباعية إلى آفاق الاستقلالية والإبداعية، وتطلّب الأمر بداية المرور من الفترة الاستعمارية التي فرضت سينما (كولونيالية) والتي اتخذها المستعمر الفرنسي أداة إيهام حضاري ووسيلة توسع ثقافي في إفريقيا برمتها، ومما يؤكد ذلك التوجه المقصود تصريح العقيد «جون باتيست مارشون» بعد ما يزيد عن نصف قرن من الاحتلال بأنه «من المؤكد أن استعمال الهيئة الاستعمارية (للسينماتوغرافيا) سيؤثر على الأهلي تأثير الطباعة، شريطة أن تُختار الأفلام بعناية لإمتاعه لا لإخافته، وأضاف «نعمان» إن تلك الأفلام ليست سوى وسيلة إضافية لتجريد هذا البدائي من السلاح ونية السلب المبيّتة يمكن معاينتها في سلسلة الأفلام الأولى التي أظهرت الجزائري في صورة متخلف ينبغي تهذيبه وتمدينه، ومن نماذج ذلك التصوير المهين أفلام «جورج ميلي» التي تعد عناوينها أولى عتبات الاحتقار «مسلم مضحك» و»علي الموسخ» وكذا «علي أكل بالزيت.
يوميات البلاد والعباد في السينما
بعد هذه المرحلة التي عُدَّ فيها الفرد الجزائري صورة نكرة وديكورًا صامتًا في السينما الكولونيالية، شهدت السينما الجزائرية بدايتها الفعلية خلال الحرب التحريرية حيث توجهت الكاميرا إلى الواقع الجزائري ورصدت يوميات البلاد والعباد، وكان لمدرسة التكوين السينمائي التي كان يديرها روني فوتيي, بإيعاز من حزب جبهة التحرير الوطني، دور فعال في بروز أفلام ثورية خادمة للقضية الوطنية. ومن الأفلام المنتجة في هذه المرحلة: «الهاربون» ، «ساقية سيدي يوسف»، «جزائرنا».
أضاف «نعمان»: ثم وصلت السينما الجزائرية المتحررة إلى مرحلة ما بعد الاستقلال، حيث تشهد محطات مهمة تتصدرها محطة تأميمها سنة 1969، وقد أفرزت أفلاماً ثورية تشيد بأحداث الثورة وأبطالها الفعليين، كفيلم «معركة الجزائر» (1966)، علاوة على أفلام ثورية تخييلية أبرزها فيلم «الأفيون والعصا» المقتبس من رواية مولود معمري.
وتلي محطة السينما الاجتماعية في فترة السبعينات والثمانينات، ومن أفلام هذه المرحلة: «عمر قتلاتو الرجلة»، «ريح الجنوب» المقتبس من رواية عبد الحميد بن هدوقة بالعنوان ذاته، و»حسان الطاكسي». وتعقبها فترة التسعينات التي واكبت حالة الطوارئ التي شهدتها الجزائر، ومن الأعمال المنتجة فيها فيلم «الخريف». كما ظهرت في هذه المرحلة أربعة أفلام بالأمازيغية تراوحت بين الحكاية الشعبية والرواية والتصوير الاجتماعي، وهي «ماشاهو»، «الهضبة المنسية»، «جبل بايا»، و»زواج عبر الإعلان».
وتلي محطة الألفية الثالثة التي شهدت أعمالاً عادت إلى سنوات المحنة التسعينية، وأبرزها فيلم «رشيدة»، وكلها تيمات تندرج ضمن تقليد ما بعد حداثي يقضي بإبراز الخاص وتكريس النقد الذاتي إلى جانب تبني التشظي في الصورة واللون والصوت، وهي مواصفات يمكن رصدها في أفلام «تحيا الجزائر»، «بركات»، «لذات بالوما»، «حراقة».
وعن دور القنوات وإسهاماتها البينية في خلق وبث فضاء إعلامي ثقافي واعي أكد الكاتب حمزة مساعدي على وجود هوة في واقع المشهد الثقافي الجزائري بين هذه القنوات والثقافة التي تمثلها تتجلى هذه الهوة من خلال ضمور الاهتمام بالموروث الشعبي وبالثقافة الجادة النافعة، حيث ضآلة نسبة البرامج الثقافية فيها، قياساً بنسب المواد والبرامج الترفيهية والرياضية وغيرها، كما أن البرامج الثقافية المحدودة التي تقدمها الفضائيات تفتقر - في الغالب - إلى الرؤية الشاملة والمتكاملة مما يجعلها مجرد ومضات من الثقافة العامة، التي لا يجمعها إطار فكري محدد، أو توجهها غايات إستراتيجية، وطنية محددة.
وحذر مساعدي من غلبة الاتجاه التغريبي المتمثل في نسبة عالية من البرامج والمواد الثقافية والترفيهية التي تقدمها هذه الفضائيات، سواء في توجهاتها أو في مضامينها، أو حتى في أساليب عرضها، ويتمثل هذا فيما تقدمه هذه الفضائيات للمراهقين والشباب الجزائريين من برامج ومسلسلات وأفلام وإعلانات تمتلئ بمشاهد العنف والجريمة والسلوكيات المنحرفة، فضلاً عما تنقله من أوضاع وظروف وقيم فكرية وثقافية بعيدة عن القيم الاجتماعية، وقد تتناقض معها كليا، كما أن ما تقدمه هذه القنوات من برامج للمرأة الجزائرية مثلاً لا يتجاوز الإشهارات المستوردة، والإشهارات المغرضة التي تقدم المرأة مادة إغرائية توظف بأساليب معينة للترويج لسلع بعينها. وأشار مساعدي إلى هزالة المحتوى الثقافي الذي تقدمه وافتقاره إلى الجدة والتنوع وإعادة بعث التراث الثقافي بالتعريف به.
في الجزائر معالم سياحية بدون ثقافة سياحية
تقول نوال ميدون: لا يختلف اثنان في أنّ الجزائر هي من بين أفضل البلدان من حيث السياحة، فجغرافياً تتربّع عرش شمال القارة الإفريقية، إذ تعدّ عاشر أكبر بلد عالميا، والأولى إفريقيا وعربيا .
إنّ الموقع الجغرافي للجزائر جعلها تتميّز بطبيعة متنوّعة وتعدّ من الدّول العشر الأجمل في العالم، نظرا لتضاريسها المتنوّعة، من بحر، وجبال وسهول وهضاب وصحراء، ومختلف المعالم والآثار التي خلّفتها الحضارات التي مرّت عليها عبر مرور العصور.
فالجبل البارد، الجبل الحديدي كما لقّبه الرومان: يعدّ من بين أكثر المناطق استقطابا للسياحة في جبال جرجرة، الذي تصل أعلى قممها « لالّا خديجة» إلى 2400م، وتتربع على سفوحها المحمية الطبيعية «تيكجدة» التي صنّفنت ضمن التراث العالمي البيئي، تحتوي على فضاء لممارسة التزحلق على الثلج، وفنادق، و متحف، وألعاب ترفيهية للأطفال.
كما تحتضن جرجرة بين كفّيها بحيرة « تامدا أوغلميم» التي تقع على علّو 1745 مترا وهي مصنفة من قِبل منظمة «اليونسكو» لكونها أعلى بحيرة في القارة السمراء، وبلوغها يتطلب المغامرة والمشي وسط غابات الأرز والصنوبر، والمسالك الوعرة للمرتفعات الجبلية وفي مرتفعات «أَسْوَلْ» الذي يحتضن أكبر هوة في القارة الإفريقية « هوّة أنو إفليس»: التي ترقد بداخلها مومياء تجمّدت من شدة البرودة تعود إلى القرن 14 م .
وقصبة الجزائر تعدّ من أهمّ التحف الأثرية الجزائرية التي صنعت مجد حضارتها عبر العصور حتى صنّفتها منظمّة اليونيسكو في سجّل التراث العالمي، بناها الأمير بولوغين بن زيري على الأطلال الرومانية إيكوزيوم الاسم القديم للجزائر، حيث اعتبرت مركزا سياحيا يحتضن آثارا متجذّرة في تاريخ وذاكرة الجزائري الأصيل، هي متحف عمراني، وأثري يحتوي على ما يزيد على ثمانية عشر مسجدا ومدرسة دينية، وسبعة قصور فخمة، وبيوتا وعيونا مائية مجتمعة كلها لتجسيد تاريخا جزائريا أصيلا.
تغطي الصحراء الجزائرية 84% من مساحة الجزائر، وتعتبر ثاني أكبر صحراء في العالم، إنّها القبلة الأولى للسيّاح الأجانب، لما تتميّز به من رونق وجمال وسحر رباني، فواحاتها من أجمل الواحات إضافة إلى الرّسوم والنقوش الصخرية الأثريّة التي تحملها مختلف الآثار التي سجّلت حياة الإنسان في تلك المنطقة عبر العصور ، حتى أصبحت اليوم أغنى متحف طبيعي لفنون ما قبل التاريخ.
هذا ما يجعل الصحراء الجزائرية تقدم تشكيلة واسعة من المعالم السياحية والأثرية، تضم تكوينات بركانية منحوتة بفعل الرياح، مدهشة بأشكالها الغرائبية، حتى يخالها السائح أنها أرض مرّيخية. وتمنغست لؤلؤة الصحراء فيها أجمل شروق وغروب للشمس في العالم بأسره عبر ممرات الأسكرام، المنبثقة من جبال الأهقار الذي يحتضن أحد أعلى القمم بالجزائر وهي قمة تاهارتاتاكور 3013م.
تتوزّع الآثار السيّاحية في مناطق مختلفة من أرض الجزائر منها : قلعة بني حماد ببجاية، المعالم الرّومانية بتيبازة، تيمقاد، جميلة بسطيف، تبسة، قالمة، تيزي وزو، الطاسيلي وهي تشكّل زخما أثريا شاهدا على ما عاشته الجزائر عبر العصور. ونظرا لهذا الزخم السيّاحي الخام تسعى الدّولة الجزائرية في الآونة الأخيرة إلى تحسين صورة الجزائر في المحافل الدّولية، وتطوير هذا القطاع عن طريق تسطير سياسة ثقافية تقوم على السياحة، بعد حين من الدّهر كان فيه الرّيع البترولي لسان حال الجزائر، وهو الذي جعل من الجزائر بمثابة محتشد سياحي يؤمّن، لكنّه لا يطعم من جوع.