علي الصراف
تُوهم سلطة الولي السفيه في إيران نفسها بأنها حققت «انتصارات» في سوريا والعراق ولبنان. وتريد أن يعترف لها الآخرون بذلك، بل وأن يدفعوا الثمن أيضا.
ولكن ألا يحتاج الأمر تدقيقا على الأقل؟
الكل يعرف أن تنظيم داعش، وغيره من التنظيمات المتشددة، ولدت، وتم تشجيع ظهورها، بدعم مباشر من أجهزة طهران، لتحقيق غاية بسيطة، هي حرف الأنظار عن الأوضاع المأساوية التي دفعت ملايين البشر، في سوريا والعراق خاصة، إلى التظاهر والاحتجاج والمطالبة بالتغيير.
صنع هذه التنظيمات، أو منحها القدرة على التوسع، كان يهدف إلى قلب المعادلة من «المطالبة بالتغيير» إلى «محاربة الإرهاب». ولو أن الضغوط الشعبية ضد نظام الولي السفيه ارتفعت إلى حد أن أصبحت تهديدا فعليا لبقائه، فلن يكون من العسير على الناس أن يروا أعمال قتل وتفجيرات تقوم بها تنظيمات إرهابية في إيران، تخرج من «الدرج التحتاني»، لتسويق الفكرة القائلة إن هذا النظام الذي يطالب الناس بتغييره، إنما يحارب الإرهاب، فيحارب الناس بزعم أنه يحارب الإرهاب.
تعتقد طهران، إنها حققت انتصارات في هذه اللعبة.
ولكن يجدر التدقيق بنتائجها على الأقل. وسترى أنها جرائم، بالأحرى، وليست انتصارات.
1- تم تدمير ثلاثة أرباع المدن في سوريا إلى درجة أنها أصبحت مجرد ركام.
2- تم تهجير ما لا يقل عن نصف عدد السكان في سوريا داخل وخارج بلدهم. أو نحو 12 مليون إنسان.
3- تحولت سوريا إلى اقطاعية لصالح زبانية الحرس الثوري الإيراني الذين يستولون على الأراضي والمنشآت الاقتصادية والمباني، بل وحتى دور السكن، من أجل توطين شعب آخر فيها.
4- بلغ حجم الخسائر في العراق أكثر من 200 مليار دولار. وتهجر ما لا يقل عن 6 ملايين إنسان، وتدمرت مدن بأسرها أيضا.
5- «انتصارات» إيران الوهمية تتجاهل كليا الدور البطولي الذي لعبه الأكراد (في العراق وسوريا) والعرب من أهالي المدن التي وقعت ضحية أعمال الإرهاب، بل ودور العديد من وحدات الجيش النظامي أيضا.
6- الوحش الذي تم إنتاجه من لعبة «تغيير المعادلات»، لم يتم القضاء عليه بعد، بل تحول إلى خطر عالمي.
7- المعركة لم تنته أصلا. ولا أعرف كيف يمكن لإيران أن تطالب بثمن «النصر» في معركة ما يزال أهم ما فيها قائما.
فبالرغم من كل ما حصل، وبالرغم من كل ثمن الخراب الذي دفعته سوريا والعراق، فان التغيير ما يزال مطلوبا، وإن جوهر المعادلة في مواجهة الطغيان والإرهاب والفشل ما يزال قائما.
ثم اذهب إلى لبنان لتسأل: وما علاقة الشعب اللبناني بحرب لم يخضها، وجرت خارج حدوده، ولم يرغب بأن يرى أحدا يتورط فيها، لكي تتم مطالبته بأن يدفع ثمنا لها؟ ألا يبدو الأمر سخيفا، من الأساس؟
قال انتصارات قال.
إنها لا أكثر من مزيج جرائم وأوهام.
إنها نموذج سوف يذكره التاريخ على مقدار السفاهة والاستخفاف بعقول الناس عندما يمد مسؤولو طهران يد التسول من أجل المطالبة بثمن ما حققوه من «انتصارات».