ياسر صالح البهيجان
الطفولة هي وجه الإنسانية الأكثر براءة، لذا فإن حقوقهم تصعد إلى سلم هرم حقوق الإنسان لحاجتهم إلى رعاية خاصة وحماية تفوق ما تتطلبه الفئات العمرية الأخرى، وقد أقرت معظم الدول عام 1989م قانون حماية حقوق الأطفال ومساعدتهم في استيفاء متطلباتهم الحياتية الأساسية دون أي تمييز فيما بينهم، لا على أساس طائفي ولا عرقي ولا لغوي ولا ثقافي ولا ديني.
ومن أبرز الحقوق المكفولة للأطفال دوليًا هي حقهم في البقاء والتطور والنمو وحمايتهم من التأثيرات الضارة وسوء المعاملة والاستغلال، إضافة إلى ضمان مشاركتهم الكاملة في الأسرة والحياة بجوانبها كافة، وتتضمن كذلك حق احترام رأي الطفل والاستماع إليه، وعدم تعنيفه أو قمعه أو إلزامه الصمت بالقوة أو التهديد.
وثمة فرق بين ما نص عليه قرار حماية حقوق الطفل وبين التعامل الفعلي تجاه الأطفال في المجتمعات العربية. قضايا تعنيف الأطفال وتعذيبهم تؤكّد أن الوعي المجتمعي بضرورة حفظ حقوق الطفل لا تزال في أدنى مستوياتها، وهناك أسر تعتقد بأن أطفالها أشبه بملكية خاصة، تمنحهم الحق في التصرف بهم كيفما يشاؤون، لذا تطالعنا فيديوهات مقززة وإجرامية، ذاك يربط ابنه بسلسلة ويجره كالشاة، والآخر يحرق أطراف ولده العنيد دون أي رحمة، والثالث يتلذذ بجلد أحد أبنائه بأداة حادة. هذه المشاهد لا يكاد يخلو منها مجتمع، ولكن تكررها ونسبة حدوثها هما الفيصل في الحكم على مدى وعي المجتمع بأن للطفل كيان مستقل بذاته داخل الأسرة، وأن هناك قوانين تفرض احترامه ومعاملته بما يحفظ صحته الجسدية والنفسية والعقلية من أي انتهاك قد يعرضها للخطر.
المؤسسات المعنية بحماية حقوق الطفل مطالبة بتكثيف جهودها التوعوية لحماية الأطفال من فظاعة الانتهاكات الممارسة بحقهم، إضافة إلى أهمية أن تتعاون مع الأجهزة الأمنية لتنفيذ أقسى العقوبات على الآباء في حال ألحقوا الأذى بأطفالهم، كما أن على المؤسسات التعليمية أن تثقف الأطفال وتعلمهم بأن لهم حقوقاً مكفولة نظامًا، وتبدأ بممارسة دورها المنتظر في استقبال شكاواهم تجاه أي انتهاك يجدونه من أولياء أمورهم، ليجري التنسيق مع الجهات المعنية لمعالجة الموقف قبل تفاقمه.
الأطفال منحة إلهية لأي مجتمع، ورقي المجتمعات تُقاس بمدى حمايتهم لحقوق أطفالهم، لذا لم يعد هناك مبررًا لإهمال أي تجاوزات تهدد حياة الطفل، ولا مبرر أيضًا للتسامح مع الآباء العدوانيين في ظل مجتمع يسود فيه القانون.