د. عبدالرحمن الشلاش
فساد من مسؤولين ورجال أعمال بلغ عددهم 208، تم التحفظ عليهم بتهم اختلاس أموال تصل إلى حوالي 100 مليار دولار بحسب تصريحات معالي وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في حديثه الصريح والمباشر لإحدى القنوات المصرية.
في المقابل تعج وسائل التواصل الاجتماعي بإسفاف وانحدار وهبوط حاد في القيم الأخلاقية من أبناء وبنات هذا البلد، حيث استخدمت أسوأ استخدام من أدعياء الشهرة. من نتيجة هذا الهبوط الأخلاقي رفع قضايا سب وشتم وقذف وتشهير إلى المحاكم الجزائية في كل أنحاء المملكة وخاصة من مستخدمي تطبيق «السناب شات»، وصدر فيها 1482 حكمًا. هذه القضايا جميعها تندرج تحت نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية وغيرها كثير ما زال منظورًا.
بين الفساد المستشري بين المسؤولين ورجال الأعمال بما فيهم من أمراء ووزراء طالتهم يد العدالة، والعبث السخيف في مواقع التواصل الاجتماعي تثار تساؤلات كثيرة، ومنها سؤال مهم وهو «كيف يحدث كل هذا في بلد محافظ ومتدين بحسب آراء أكثرية؟». لا نزعم بكل تأكيد أننا مجتمع مثالي رغم أن كل ما يبذل من توجيه وخطب ومواعظ ومناهج دينية مكثفة وحلقات لتعليم علوم الدين ومحاضرات عن القيم والأخلاق تؤكد أن مثل هذا المجتمع سيرتقي إلى المثالية بكل تأكيد!
للأسف كل ما تستنزفه المؤسسات الدينية والمناهج الدينية والوعظ والإرشاد من موارد مالية وبشرية لا يؤدي الأغراض المنشودة، وأن التدين لدى الغالبية شكلي أو مظهري.
فمحافظة بعضهم على الصلاة والصيام والحج والعمرة المستمرة والدائمة أو الصدقة أو التظاهر بالبر والإحسان لا ينهاه كل ذلك عن السرقة والاختلاس وأكل أموال الناس بالباطل والقذف والسب والشتم والتشهير بخلق الله بنشر مقاطع مسيئة، وفضائح لبعض الأشخاص رغم أن الدين حرم السرقة والسب والشتم والغيبة والنميمة ونشر الفضائح. أين هم من حث الدين على الستر ونهيه عن الكلام الفاحش البذيء؟ هذا يؤكد أن كل ما بذل من جهود لم يحقق النتائج المطلوبة فصلاتهم وصيامهم لم تردعهم عن الإفساد في الأرض. لم تنفع معهم المواعظ ما يعني أننا بحاجة لإعادة النظر في أساليبنا.
أعتقد أن تطبيق النظام بصرامة، وإنزال العقوبات على المفسدين والعابثين هي الوسائل الناجعة بدلاً من إضاعة الوقت في نصائح ووعظ من لا فائدة منهم ولا رجاء في صلاحهم، وبالتالي إعادة النظر في أمور كثيرة أثبتت التجارب عدم جدواها.