فهد بن جليد
مليار ريال هو حجم الخسائر المادية التي خلفتها ساعتان من الأمطار على جدة أمس الأول - حسب تقديرات نشرها عدد من الاقتصاديين - وأنَّها طالت ممتلكات عامة وخاصة نتيجة سوء التخطيط لتصريف السيول وهي العقدة المُزمنة والمُستمرة مُنذ عقود في المدينة، وتشاركها في ذلك أكثر من مدينة ومنطقة أخرى تعاني الأمرين عند هطول الأمطار، وفي كل الأحوال بقاء الخسائر عند الأرقام المادية فقط يهون، مُقابل عدم تسجيل حالات وفاة أو إصابات كخسائر بشرية، وأحسن المُدن العالمية قد يحدث فيها فيضانات سريعة ووقتية عند هطول الأمطار, وهذا بالتأكيد ليس تقليلاً مما حدث، ولا تبريراً للفساد والمُفسدين في كل مكان، الذين تسبب قصورهم واحتيالهم في مثل هذه المظاهر والمناظر المؤلمة.
لا يمكن أن نحمل ضعف البنية التحتية الواضح في عدد من المدن مسؤولية مآسي وأزمات الأمطار - وحدها - ثقافة الإنسان أثناء المطر هي الأخرى مسؤولة عن بعض ما ينتج ويحدث، فقد تحولنا دون أن نعلم إلى مُحللي طقس قبل هطول الأمطار، وبعضنا يمارس هواية التطفل في تتبع الأمطار والسيول توثيقاً وتصويراً مع عدم التقيد بتعليمات وتحذيرات الدفاع المدني، وقسم آخر يعتقد أنَّ تعطيل الدراسة هو بمثابة فسحة ومندوحة من الوقت للتنزه حول أماكن تجمع المياه الخطرة، أو إشغال الطرقات والأنفاق بالمركبات المُتعطلة والمليئة بالأسر والأطفال أثناء هطول الأمطار بسبب تجولهم وعدم أخذ الاحتياطات اللازمة وسلك الطرقات الآمنة، كما أنَّ هناك حالات سجلت نتجية عدم الاحتراس من التيارات الكهربائية المكشوفة أو محاولة تصوير الصواعق البرقية والرعدية بأجهزة الهاتف... إلى غير ذلك كثير من الحالات التي زادت فيها ثقافتنا وتصرفاتنا الخاطئة من معاناتنا مع الأمطار، وصعَّبت المهمة أمام فرق الإنقاذ، وجعلت من الأمطار ذكرى تحمل الحزن والألم عند كثيرين، بدلاً من كونها بشرى أمل وفرح وخير.
مع تكرار محاولات علاج وإصلاح البنية التحتية لتصريف السيول في بعض المناطق والمدن، والتي لم تثبت نجاحها بعد، ومع ظهور معاناة البعض بوجوده ومنزله فجأة في مُستنقع مائي كمجرى للسيل، أقترح أن نفكر في طرق علاجية رديفة ومُصاحبة لعلها أن تخفف من تلك الخسائر والآثارعند هطول الأمطار، ثقافة السكان من مواطنين ومقيمين له أثر كبير فيما يجري، فلو نجحنا في تثقيف الناس وتحديد الأماكن والطرقات التي يجب أن يسلكوها ويتواجدوا فيها عند هطول الأمطار بشكل آمن - ولو عبر لوحات إرشادية - يتم وضعها بناءاً على التجارب السابقة، ومعرفة المناطق التي تتجمع فيها المياه، فلربما تغيرت الصورة، ولقل الحنق والغضب لأن الناس لن تتواجد بالقرب من المشاريع والأحياء التي لا تُساعدهم على الفرح بالمطر.
وعلى دروب الخير نلتقي.