فيصل خالد الخديدي
حرصت طيلة فترة كتابتي، سواء في هذه الزاوية التي امتدت علاقتي بها قرابة الأربعة أعوام أو ماسبقها من سنوات كتابة، أن أكتب بصيغة الغائب لأن الكتابة بصيغة المتحدث أرى حضور الأنا فيها مزعج للقارئ، وحرصت أيضاً أن لا أطرح مواضيع شخصية من خلال الزاوية، فهي ليست مذكرات شخصية، وللقارئ حقوق عليّ لابد أن أحترمها، ولكن اليوم وفي هذا المقال فقط استأذن القراء الكرام أن أخالف ما دأبت عليه من منهجية في الكتابة، وأن أكتب بصيغة المتحدث، وفي تكريم شخصي غمرني فيه بفضلهم الزملاء التشكيليون في بادرة كريمة وغير مستغربة بقيادة من طه الصبان الفنان الإنسان الذي في كل مرة أكتشف فيه أشياء مدهشة تشعرني بأني لم أحط بشيء من شخصيته، فبعد أن أبهرني بسخاء دعمه لكثير من الفنانين في الساحة التشكيلية منذ زمن ورعايته لكثير من الورش والمعارض دون أن يكون اسمه حاضراً، وكتبت عن رعايته قبل أسابيع لورشة تشكيلية بجمعية الثقافة والفنون بجدة واقتنائه لأعمال المتدربين, ولكن الأمر في التكريم اختلف قليلاً وظهر لي الصبان وهو يُعلم التشكيليين كيف يعيشون في الساحة التشكيلية بحب، حتى وأن اختلفوا بينهم في الرأي، فحرصه على حضور أكبر عدد من التشكيليين ونجاحه في ذلك أضاف للتكريم روح شفافة لايمكن أن يصنعها سوى طه صبان، فبتكريمه لي هو والزملاء حملوني مسئولية كبيرة من حب وتعامل راق اجتمعوا حتى ازدحم بهم البيت العامر وتسابقوا على التكريم وكأنهم يقلدوني شيء من أرواحهم ومسحة من جمالهم، فتساقطت مني كل عباراتي وضاعت حروفي أمام جميل ما رأيت من مشاعر فياضة وأحاسيس صادقة جعلتني أخجل من قلة حيلتي وضياع صوتي وارتباك عبارتي أمام قامات الحضور المكرمين لما قدمت في سنواتي الفائتة، وهو وسام حب تقلدته ذلك المساء جعلني أفتخر بالساحة التشكيلية المحلية أمام ابني نواف الذي سارره أحد التشكيليين ذلك المساء بقوله رأيت يا أبني كل هذا الجمع وهذا التكريم لايساوي شيء فيما يقدمه والدك...فحق لي بأن أفخر بكم يا أصدقاء فقد أكرمتموني فوق ما أستحق.
ختاماً.. أستطيع أن أقول عندما يتجسد العطاء والوفاء والحب في إنسان فأنت تتحدث عن طه الصبان...