ميسون أبو بكر
جدة التي تخشى مواسم الخير والمطر، وأهلها الطيبون الذين يعلنون حالة الطوارئ كلَّما لاح برق أو قصف رعد، لا لأنهم يكرهون الشتاء بل لأنهم سئموا الفساد الذي يحوِّل الفرحة إلى خوف وقلق، فقد أضحى لديهم موسم الشتاء كشبح مخيف يجثم على الأبواب، يهدد بالفيضانات والسيول التي تغرق فيها مركباتهم كما الطائرات الورقية الهشة، ويسبح العباد في السيول كما الفراشات التي ينهك أجنحتها الماء قتتثاقل عن الطيران ثانية وقد أنهكها البلل.
الماء الذي يجعل من كل شيء حي يتحول في جدة في موسم المطر إلى سيول تجرف كل ما في طريقها، وحتى المباني الجميلة تغرق به وكل أثاثها البسيط أو الفاخر الذي كلّف أصحابها الكثير. في المطر وسيول جدة تختفي معالم الشوارع والمناطق وكل المعالم الجميلة التي تميز جدة، وتتوه المركبات وكل ما جرفه الماء في مشهد شبيه بالأدغال وأناس تجدف في وسط الماء العكر لتنجو بحياتها.
يتناقل الناس في الداخل والخارج مقاطع الفيديو لأهل جدة بين غريق في السيول وناج يحاول الآخرون وضعه على بر أمان قريب، وترد آلاف الاتصالات من الأصدقاء خارج وطني تتساءل ما الذي يحدث في جدة!!
ليس زخم كبير من المطر هو الذي يتسبب كل موسم مطر بهذه السيول، وليست جدة منطقة كوارث أو واقعة على شفا منطقة خطرة على الكرة الأرضية، إن ما يحدث في جدة هو فساد تسبب به الخائنون لأماناتهم ولأوطانهم وللإنسان.
الأكف التي ترتفع إلى الله كل كارثة تطلب الخلاص من الغرق وتطلب أن ينتقم الله من أولئك المفسدين الذين تسببوا بهذه الكارثة فحولوا موسم المطر والخير كابوسًا وصارت حبات المطر نذيرًا بمهلكة..
اليوم آن لأهل جدة أن تهدأ أرواحهم وأن تفرح قلوبهم؛ فكل من عاث في أموال الدولة فسادًا واسترخص الأرواح واستهان بالعباد هو رهن للاعتقال والعقاب.
قرار سيدي سلمان بن عبدالعزيز الذي أذهل العالم، ووعد ولي عهده القوي الأمين في تقصي الفاسدين أياً كانوا هو لأهل جدة عزاء وأمل.
فكل روح فارقت الحياة وكل نبات وحياة جرفتها السيول وكل حلال ومتاع هدره الفساد لم ينج فاعلوه، وهم الآن يجابهون ما اقترفت أيديهم، وهذه رسالة للعالم الذي يتساءل أي ذنب اقترفوه؛ فكل ما تداوله الناس من كوارث في جدة ومقاطع فيديو هو جواب لأسباب اعتقال من خان وطنه وأمانته.
دولة سلمان بن عبدالعزيز دولة شرعها الإسلام الذي يحارب الفساد، وقد أعلنها خادم الحرمين الشريفين أكثر من مرة، هو ملك الحزم والعزم، ملك له في القلوب مكانة وفي العالم صيت ومجد.
سلامتك جدة الحبيبة، فالنهى هو الغريق بين شاطئيك وليس أهلك، والهوى حالم فيك لا يفيق
رائعة حمزة شحاتة:
النُّهى بين شاطئيك غريقُ والهوى فيك حالمٌ ما يفيق
ورؤى الحبِّ في رحابك شتَّى يستفز الأسير منها الطليقُ
ومغانيك في النفوس الصديات إلى ريِّها المنيع رحيقُ
إيه يا فتنة الحياة لصبِّ عهده في هواك عهد وثيق