زكية إبراهيم الحجي
طوال تاريخها الممتد منذ تأسيس المملكة العربية السعودية لم تعرف العلاقات السعودية اللبنانية أية شائبة تعكر صفوها، علاقات بُنيت منذ عقود على مبادئ راسخة وثقة متبادلة والتزام من أبناء الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله الذين تعاقبوا على تولي مسؤوليات الحكم في المملكة العربية السعودية.. حتى الحرب الأهلية اللبنانية حرب الدموية والصراع المعقد التي دامت لأكثر من خمسة عشر عاماً كان اتفاق الطائف هو الذي جمع بين الفرقاء لتنتهي تلك الحرب بإقصاء ميشيل عون لرفضه الاتفاق ونفيه إلى فرنسا.. وعاشت لبنان بعد ذلك نوعاً من الاستقرار النسبي.. إلا أن تنامى النفوذ الإيراني متمثلاً في «حزب الله» وقيادته ومواقفه المتعددة المعادية للصف العربي وتدخلاته في المنطقة خاصة المملكة العربية السعودية والبحرين واليمن وغيرها من دول المنطقة.. هدد صفو هذه العلاقات وأفقدها شعور الحميمية التاريخية التي كانت متبادلة بين الدولتين وشعبيهما.
رغم الحفاوة البالغة التي استقبل بها العماد ميشيل عون في الرياض كأول زيارة له بعد انتخابه رئيساً للبنان عام 2016.. ورغم مساحة الأمل لفتح صفحة جديدة تجاه العلاقات بين الدولتين.. ورغم مجالات الدعم المالي الضخم وحجم المساعدات والمنح التي تقدمها السعودية للبنان ناهيك عن الاستثمارات المتعددة لإنعاش الحركة المالية والاقتصادية بعد الحروب والانتكاسات التي شهدتها لبنان.. رغم ذلك كله فإن أسباب المشكلة تفاقمت اليوم أكثر فأكثر في ظل رئاسة ميشيل عون للجمهورية اللبنانية.
الرئيس اللبناني ميشيل عون لم يكن معنياً بالحفاظ على الثوابت الداخلية لوطنه لماذا؟ الجواب: إن المسافة ليست واحدة من جميع الأحزاب السياسية اللبنانية.. ولم يأخذ في الاعتبار ما يجري في المنطقة نتيجة ممارسات جماعة حزب الله الإرهابية.. وذراع طهران في لبنان لماذا؟ لأنه يتحرك بالوكالة عن حزب الله المعزول عربياً ودولياً.
تدحرج التطورات وتشابكها مع بعضها البعض بعد إعلان استقالة «سعد الحريري» التي أعلنها من الرياض كشفت الغطاء عن مدى العلاقة التي تربط بين عون وميليشيا حزب الله ودعمه الصريح لجماعة حزب الله المصنفة دولياً بجماعة إرهابية وكأن سريالية المشهد السياسي في لبنان يصور لنا أن ميشيل عون رئيس فقط لجمهورية تُسمى جمهورية حزب الله الجمهورية التي لا تملك حرية قرارها الذي هو قرار إيراني ولا يستطيع عون من خلاله أن يجد لنفسه هامشاً لاتخاذ موقف مستقل عن مواقف حزب الله واستقالة الحريري لم تكن سوى القشة التي قصمت ظهر البعير.. قرار استقالة الحريري هو بمثابة الرفض التام لأي وصاية إيرانية متمثلة في حزب الله على القرارات السياسية اللبنانية.
يا سيادة العماد ميشيل عون أنت رئيس دولة اسمها جمهورية لبنان وإساءتك وتهجمك على المملكة العربية السعودية لا يُرضي الكثير من شرفاء لبنان الذين يكنون المحبة للسعودية وشعبها لا سيما أن أكثر من ثلاثمائة ألف لبنانياً يعيش بيننا معززاً مكرماً فالخيمة والجمل التي تعتقد أنها وصمة عار لنا هي عز وفخر لنا وجزء من هويتنا.. يا سيادة العماد الجمل رمز الصبر وقد صبرت المملكة العربية السعودية كثيراً على ما يصدر من إساءات بإيعاز من جماعة حزب الله الإرهابي.. أما الخيمة يا سيادة العماد فهي رمز كرم وترابط وانعكاس كامل لتنظيم اجتماعي بجميع أطيافه وضيوفه بمختلف جنسياتهم ومنهم اللبناني الذي يعيش بيننا.. الجمل والخيمة يا سيادة الرئيس هما جزء من هويتنا وتراثنا التاريخي الذي نعتدُّ ونفتخر به مثلما الشروال والدبكة جزء من هوية اللبناني وثقافته وتراثه التاريخي الذي يعتز به.. أخيراً ثق تماماً يا سيادة العماد أنه ليس كل الرهانات تتحقق وفق رغبتك.