خالد الربيعان
آفة حارتنا التعصب ، هكذا باختصار ، الفترة الأخيرة شاهدنا قرارات وأحداثاً عملت طفرة رياضية، تخيلت معها مشاهد الأفلام التي يقوم فيها الأبطال الخارقون بتدمير الأعداء والأخطار وهدم الموانع واحداً بعد الآخر ! حتى استبشرت خيراً ومازلت .. ولكن يظل أعنف هذه الموانع ، وأكبر وأعقد هذه الجدران هو التعصب !
قبل ذهاب نهائي آسيا كتبت عن هؤلاء الذين أصبحت فرحتهم هي هزيمة الآخرين ! وقلت إنّ السبب ( نفسي وسيكولوجي).. فعلاً ، فهو يأس من إنجازات ـ لا يسعد بأداء ، بينما يجد آخرين ينجحون، تنشأ عنده ازدواجية بين الإعجاب بهم ، وكرههم في نفس الوقت لأنهم يتفوقون عليه في مجاله ، ويهددون استمراره فيه ، بل ويحسسونه بالفشل ! فلا يلتفت وقتها إلى نفسه لتطويرها ومحاولة النجاح مثلهم ، لأنه متكاسل ! ويريد أن يظل كما هو ولو لمئة سنة !
فما الحل ؟؟ متابعتهم متحفزاً ومتربصاً ، منتظراً أي عثرة لهم ليفرح .. ليحس أنّ الجميع معاً في موكب الفشل ! لا يعرف أنّ هناك فرقاً شاسعاً بين كبوات وقتية وسط نجاحات ، وبين فشل متكرر من الأساس، يفصل بين فشل وآخر شبه إنجاز !
تعادل الهلال مع الضيف الياباني ، ولأنّ الحكمة تقول : المصائب لا تأتي فُرادى أبداً : أصيب نجم الفريق وأخطر عناصره «إدواردو» بأعنف إصابة بكرة القدم، وهي كما يطلقون عليها قاتلة اللاعبين ، لأنها تنهي مسار من لم يهتم بعلاجها بدقة !
وقتها ظهر على تويتر التاق هذا التاق « #إدواردو_رباط_صليبي «يمكن أن تدرس التعليقات فيه كحالة من حالات التعصب الرياضي ـ كتبت إحداهن معلقة على الصورة: والله تكحلت عيني ! ، فردوا عليها بأن «حرام وعيب ولا تتمني المصيبة وأن الشماتة مذمومة «، فجاء الرد العجيب : « الحلال والحرام على كيفي وعلى هواي» !
بعض النفوس فيها شيء ما لا أفهمه ، ثم تلك الظاهرة العجيبة... : الخطأ، ومعرفة أنه خطأ ، وتحدي الجميع رغم الموقف الخطأ ، وعدم وجود نية للتراجع ! هناك تعليقات أخرى عجيبة أكثر ـ لو توقفنا عندها نلمس خللاً أكيداً ، طبعاً هذا بعضٌ من كل.. وغيضٌ من فيض !
التعصب.. لا وجود لبيئة رياضية صحية في ظله أبداً ! ، لا إنجازات ولا تسويق ولا استثمار في ظل بيئة يشوبها التعصب الأعمى ، لك أن تتخيل مثلاً مهندس من مهندسي المعمار في مشروع إنشاء بنية تحتية لنادٍ معين ، هذا المهندس له توجُّه رياضي يشوبه التعصب الأعمى لنادٍ منافس ، هل تثق في عمله أن يخرج بالشكل السليم ؟! ، ولم لا تفترض أن يقول في نفسه : لأخرِّبَنْ هذا المبنى على رؤوس الحمر أو الصفر أو الزرق كي يظل الخضر في المقدمة ! .. خيال أليس كذلك ؟؟ صدقني التعصب يجعله واقعاً .. من لا يصدقني يقرأ حوادث القتل الجماعي في ملاعب الكرة والتي طالت بعض الملاعب العربية أخيراً، ما نريده هو تعصب نظيف لفريقي دون نشر الضرر على الآخرين !
هناك !
في 2004 ذهاب نهائي آسيا في جدة ، سجل الكوريون في مرمى الاتحاد الهدف الأول الذي يحتسب بهدفين ، ثم سجلوا الهدف الثاني! في جدة ! ، ثم سجلوا الهدف الثالث ! وقت هذا الهدف غادر الكثيرون من مقاعدهم أرض الاستاد قبل انتهاء المباراة ! ، انتهت البطولة للكوريين وقضي الأمر ! اسأل أي شخص عن هذا الموقف سيتفق معك!
بعدها بأسبوع في الإياب فوجئنا بتسجيل الاتحاد الهدف الأول ، ثم الهدف الثاني ، وثَلَّثها محمد نور ، ثم الرابع ! ثم فاز الاتحاد بالخمسة وتُوِّج بطلاً.. هناك في كوريا !
لا مستحيل إلاّ في خيال المتوهم ! أقولها للاعبي الهلال.. والله المستعان.