فهد بن جليد
اعتذار الدفاع المدني عن عدم سرعة تفاعل اثنين من منتسبيه في التعامل مع إحدى حالات الاحتجاز في أمطار جدة -أمس الأول- أمر مقدَّر فيه الكثير من الشفافية المطلوبة، والسرعة في التفاعل والاعتراف بالخطأ أو التقصير أينما وجد، والتأكيد على المحاسبة بموجب النظام، وهو اعتذار تشكر عليه مديرية الدفاع المدني، وخطوة رائعة لاقت تفاعلاً وتقديراً فاق الاستياء من التراخي الذي أظهره أكثر المقاطع انتشاراً حول أمطار جدة، كتصرف فردي غير مقبول، لا يمثل ولا يعكس أبداً الجهود الكبيرة والجبارة التي يقوم بها رجالات الدفاع المدني وتضحياتهم.
التصرف والتدخل السريع من أحد المقيمين -يبدو من المقطع بأنَّ جنسيته آسيوية- أنقذ الموقف بمهارته في السباحة، رغم عدم خطورة الوضع بشكل كبير كون المياه لا تزال محدودة رغم احتجاز السيارة وعدم قدرة السائق على تركها والخروج للرصيف أو التفاعل مع ما يطلبه رجال الإنقاذ، وهو أمر غير مستغرب ويستحق عليه هذا المقيم الشكر والتقدير، وقد سجّلت بعض مناطق المملكة تفاعلاً إيجابياً مماثلاً من العديد من المقيمين في بلادنا، عندما أحسنوا التصرف وبادروا بأعمال تطوعية لإنقاذ حياة إنسان أو مساعدة محتاج في مثل هذه المواقف.
ما حدث يجعلنا نعيد طرح فكرة فتح المجال أمام المقيمين في بلادنا ليكونوا أصدقاء للدفاع المدني يتم الاستعانة بهم عند الحاجة، أو على الأقل منحهم الضوء الأخضر وضوابط التدخل ومسوغاته النظامية عند الحرائق أو السيول أو الكوارث أو الحوادث، فمنهم من يملك مهارات وقدرات لا يملكها رجل الشارع العادي بفضل خضوع معظمهم لدورات تجنيد إلزامية في بلدانهم في مرحلة الشباب، وقدرة آخرين منهم على السباحة، أو قدومهم من بيئات تكثر فيها الزلازل ولديهم المعرفة والمهنية اللازمة للموقف قبل وصول الدفاع المدني، هؤلاء الذين -يقدر عددهم بأكثر من عشرة ملايين وافد- هم قوة بشرية هائلة، تنتشر في كل الأماكن، وفي مختلف الأوقات، ويمكن لجزء منها صنع فارق في عملية الإنقاذ والتدخل السريع في الحوادث (قبل وصول الفرق المدَّربة من الدفاع المدني) فقط متى ما أخضعناهم لتدريبات بسيطة، ومنحناهم الثقة، والتصاريح اللازمة وفق ضوابط النظام المحدِّدة لبرامج تطوع غير السعوديين.
تفعيل دور أصدقاء الدفاع المدني بين المقيمين في بلادنا تحديداً أمر له فوائد عديدة، وسيكون له مردود إيجابي -برأيي- إضافة إلى دور المواطن (الركيزة الأولى) بكل تأكيد، خصوصاً لدى الأشقاء والأصدقاء المحبين للمملكة ممن عاشوا على أرضها، وأكلوا من خيرها، ويشرفهم رد جزء من جميلها من خلال مثل هذه الأعمال التطوعية، متى ما تم فتح الباب أمامهم وفق النظام.
وعلى دروب الخير نلتقي.