ياسر صالح البهيجان
ينال قطاع التعليم نصيبًا وافرًا من ميزانيّة الدولة سنويًا، ليس خلال الأعوام القليلة الماضية، وإنما منذ عقود سالفة، إلا أن مستوى الضخ المالي الذي تتلقاه وزارة التعليم مؤخرًا أخذ يتزايد بناءً على حجم المبادرات المُعلنة والطامحة إلى تطوير القطاع التعليمي بالمملكة، حيث بلغ حجم الإنفاق على التعليم في ميزانية 2017 ما مجموعه 200 مليار ريال، ليصبح بهذا الرقم الضخم أكبر القطاعات التي تتلقى الدعم من قِبل الحكومة.
ليس لدينا أدنى شك بأن قطاع التعليم يستحق هذه الميزانيّة لما يمثله من أهميّة في رقيّ وتطور أي مجتمع، لكن الأزمة تكمن في أن مبادرات التطوير وواقع الحالة التعليمية لا تتوازى مع حجم الإنفاق، حيث لا تزال المباني المستأجرة التابعة لوزارة التعليم على حالها منذ عقود، كما أن القطاع لم يخلق فرصًا وظيفيّة جديدة تنسجم مع أعداد الخريجين المؤهلين للعمل في السلك التعليمي، فضلاً عن ضعف جودة المناهج التعليمية وعدم مواكبة معظمها لمتطلبات المرحلة الحاليّة واحتياجات سوق العمل.
المدارس المقامة في مبانٍ مستأجرة لا يمكن أن تسهم في إيجاد بيئة تعليمية متطورة، إذ إن مرافقها محدودة، وبناءها متهالك. وأعتقد بأن إغلاقها والانتقال إلى مبانٍ حكوميّة جديدة لابد أن يأخذ نصيب الأسد من ميزانيّة وزارة التعليم؛ لأن المبنى يشكّل أساس نجاح أي عملية تعليمية، أمّا استمرار التدريس في غرف كانت في يوم من الأيام مخصصة للنوم أو الطهي فذلك لن يجدي نفعًا، ولن يحقق تطلعات المجتمع في تحسين الواقع التعليمي والارتقاء به إلى مستويات غير مسبوقة.
كما أن الميزانيّة المرصودة لوزارة التعليم مطالبة أيضًا بتوفير آلاف الفرص الوظيفية السنويّة لخريجي الجامعات المؤهلين، إن كان استثمارها وآلية صرفها تجري بالطريقة المثلى، أمّا اكتفاء الوزارة بالرد بأنه لا يوجد شواغر في القطاع، فهذا دليل على أنها لم تتوسّع في إنشاء المدارس الجديدة، ولم تأخذ بالاعتبار دورها الرئيس في استيعاب أعداد الطلاب والطالبات المتوقّع دخولهم في مراحل التعليم خلال الأعوام القليلة المقبلة في ظل تزايد أعداد المواليد وارتفاع معدلات السكّان.
وميزانيّة الوزارة أيضًا عليها أن تشمل تطوير المناهج التعليمية لتواكب المرحلة الراهنة وتحولاتها الفكرية والمهنيّة، نحن في زمن التكنولوجيا والصناعات المتطورة والابتكار والإنتاج، لم نعد في زمن السبورة التقليدية والتلقين والحصص الجافة والجامدة، لذا ينتظر المجتمع من الوزارة مضاعفة الجهود لتطوير منظومة التعليم بما ينسجم مع مكانة المملكة عربيًا وإسلاميًا ودوليًا، وبما يحقق لها الريادة في مختلف الأصعدة.