خالد بن حمد المالك
لايزال بين القادة والمسؤولين العرب من يتآمر على العرب، ويخون قضاياهم، ويتجسس على مصالحهم، ويخابر ويتعاون مع أعدائهم، ويظهر كمن باع ضميره، وتخلى عن التزاماته القومية والوطنية، بلا حياء أو خجل، ودون شعور بما يمليه عليه موقع المسؤولية التي أؤتمن عليها.
**
بيننا - كعرب - نماذج من هؤلاء، لا يتورعون من إفشاء أسرارنا للعدو، وممارسة دور شخصية المندوب أو الممثل بالوكالة لهذا العدو أو ذاك في كل اجتماع، فيتحدث بما يمليه عليه، وبما يحقق مصالحه وأهدافه، بل ويقف معارضاً لكل قرار يمس أهداف وتوجهات وممارسات العدو العدوانية.
**
يحدث هذا على المستوى العربي، وعلى المستوى الوطني كذلك، فالمصلحة القومية والوطنية لا قيمة لها عنده، فهو قد باع ما أؤتمن عليه، وتخلى عن مصالح مواطنيه، وأهدر حق الدول العربية، والدولة التي ينتمي إليها، في سبيل تحقيق مصالح من ارتمى في أحضانها من الدول، في تآمر وقح، وسياسات مشبوهة، ويريدنا أن نصمت.
**
الأمثلة على ذلك كثيرة ومؤلمة وصادمة، لكنها الحقيقة التي لا نملك تجاهلها، بعد أن زاد هؤلاء الكيل في دعم الإرهاب والتطرف، واستمرأوا المواقف المعادية لأمتنا حتى الثمالة، وأبوا أن يتراجعوا أو يعيدوا النظر في هذا السلوك المشين، رغم النصائح، والمواجهات، وحتى القرارات التي توجه لهم.
**
من بين هذه النماذج الصادمة، ولن نشير إلا إلى الحديث منها، والجديد الصارخ الذي صدر عنهم، مستندين على المواقف التي لا تقبل تفسيراً لها بأكثر من أنها مواقف معادية، وأن لا تفسير لها بغير ذلك، ما كان تحدث به الرئيس اللبناني ميشيل عون، ومثله الآخر ذو الوجه الإيراني الوقح الفلسطيني موسى أبومرزوق.
**
يقول عون رداً على قرار وزراء خارجية الدول العربية بعد اجتماعهم بالقاهرة، بأنه لا يمكن له قبول الإيحاء بأن لبنان شريك في أعمال إرهابية، وذلك رداً على اعتبار حزب الله منظمة إرهابية بحسب قرار وزراء الخارجية العرب في اجتماع القاهرة، فيما تحفظ المندوب اللبناني على القرارات التي تمس إيران وحزب الله معاً، وهو ما يجعل الرئاسة اللبنانية شريكاً مع حزب الله في سياساته، ومسانداً في تدخله بالشؤون الداخلية في اليمن وسوريا والبحرين وغيرها.
**
أما موسى أبومرزوق، نائب رئيس ما يسمى المكتب السياسي لحركة حماس، ذو الوجه الإيراني الوقح، فقد سارع إلى القول بأن النقطة الأولى على جدول أعمال مؤتمر الحوار الفلسطيني - الذي يفترض أن يكون عقد أمس - ستكون بأن حزب الله ليس بمنظمة إرهابية، وذلك رداً على بيان وزراء الخارجية العرب اعتباره منظمة إرهابية في ختام اجتماعهم بالقاهرة، أي أننا أمام رجل يتآمر مع إيران وذراعها حزب الله ضد الفلسطينيين الأحرار وقضيتهم العادلة بتبني مواقف أعدائها ضد مصالح بلاده.
**
لحسن الحظ أن مثل هذه النماذج لا تشكل ظاهرة، وأنه لا تأثير لها، ولا قيمة بموقف تتخذه، أو سياسة تنتهجها، أو تحالفات تقدم عليها، فالرئيس اللبناني ميشيل عون هو الآن خارج سياق التاريخ، وهو رئيس شكلي، وبلا قيمة بين اللبنانيين باستثناء حزب الله الإرهابي العميل المدان دولياً، أما الآخر، وأعني به أبومرزوق، فقد خدم مع عملاء آخرين ينتمون لتنظيم حماس إسرائيل حين تآمروا على حلم الوطن بتشكيل حكومة في غزة، وبذلك أفشل قيام الدولة المنتظرة، وأصبح رهينة لإيران، وهذا يكفي.
**
خلاصة الكلام، نحن أمام فترة زمنية تعج بهذا النوع الرديء من المسؤولين العرب الذين يتصدرون في بلدانهم المشهد الإعلامي، إنهم أبواق للعدو، يستسلمون لكل قول منه، لا يدركون ما يدبر لهم في ليل، وهم مخدرون بالكلام المعسول، يغريهم المال، فلا تعنيهم عندئذٍ مصالح دولهم، ولا تهمهم مواقف الشرفاء من المواطنين الذين يدافعون عن حقوقهم في مواجهة من يتآمرون عليها.