محمد المهنا أبا الخيل
في حديث لمعالي وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة، ذكر أن التحدي الذي يواجه وزارة الصحة لتحسين الخدمات الصحية لا يقتصر على خطط الوزارة في عملية التخصيص ولا توحيد الملفات الطبية، أو تيسير التأمين الطبي التجاري، بل إن أكبر التحديات يتمثل في رفع مستوى الوعي الصحي لدى المجتمع والذي يمثل أهم عوامل الوقاية من الأمراض، وما يستلزم ذلك من وضع برامج التوعية الصحية والتنسيق مع الجهات المختصة فيما يخص تيسير المرافق للممارسات الرياضية والحركة وتقنين استهلاك السكريات والدهون والتوعية بالتغذية السليمة.
كان حديث معالي الوزير حديثاً صريحاً ولو أتيح له مزيد من الوقت لربما أسهب كثيراً في شرح تحديات الوزارة العتيقة والجديدة.
حديث معالي الوزير مثير للشجون والأفكار والتساؤلات حول تحسين الخدمات الصحية بصورة عامة، ومع أن هناك قناعة تامة بما ذكر معالي الوزير بأن مستشفيات المملكة هي الأمثل والأفضل في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن الطموحات أكبر من الإنجازات، ليس لضآلة الإنجازات ولكن لكون الحاجة أكبر بكثير, فكثير منا مجبر لعيادة المستشفيات الخاصة لما توفر من ثقة وخدمة وتيسير، والعديد من المواطنين يسعى من خلال الوزارة أو على حسابه الخاص للبحث عن علاج في خارج المملكة، ولا شك أن ذلك مضنٍ ومرهق للقدرات المادية للدولة والمواطن.
في حديث معالي الوزير كان تركيزه على الوقاية من الأمراض الوظيفية التي تمثل السلوكيات الصحية للناس محور مسبباتها ولا يتجاوز دور الوزارة في الوقاية منها سوى التوعية من خلال قنواتها المتعددة التي أصبحت ملاحظة في وسائل التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص، وهذا أمر تمتدح الوزارة في تبنيه من حيث الفاعلية ومن حيث جدوى التكلفة، ولكن معالي الوزير لم يتحدث عن الوقاية من الأمراض المعدية، التي يعتبر دور الوزارة فيها محورياً خصوصاً أن هناك أكثر من (30) مرضاً معدياً أصبحت شبه مستوطنة في المملكة وباتت تقلق الناس في كل مرة تنتشر شائعات بتفشي أي منها في مكان ما، وكل هذه الأمراض أشبه بالقنابل الموقوتة، لعل معالي الوزير لم يتحدث عنها لضيق الوقت المتاح لحديثه أو لكون الحديث عن ذلك جالباً للقلق.
لعله من المناسب أن يكون الحديث عن الخدمات الصحية في المملكة حديث التفاؤل، فلاشك أن هناك جهوداً كبيرة تبذل من قبل الوزارة والعاملين بها ومعها وكما قال معالي الوزير «لن تتحسن الخدمات بصورة مرضية في عام أو عامين، فقد تمضي أعوام قبل أن نحقق الطموح» ومع ذلك نقول إن تحسن الخدمات الصحية سيعتمد على ثلاثة مسارات يجب أن تسير فيها الجهود بتوافق وتضافر وهي:
1- تحسين توظيف التقنية، فيجب أن تعتمد الوزارة على أنظمة التطبيقات المحمولة في كثير من أعمالها، ويجب أن يتوافر في جميع المستشفيات شبكات تقنية واتصال عالية الأداء وتطبق الوزارة أنظمة تتبع المعدات الطبية والعاملين لتحسين الأداء العام وتقليل مدة الإقامة في المستشفى وتحسين إدارة السرر الطبية.
2- اعتماد إستراتيجية إدارة للمستشفيات تجعل العلاقة بين المستشفى كمؤسسة رعاية طبية والمريض المنوم موثقة تقنياً في كل خطوة يتم التعامل بين الطرفين، وجعل الممرض هو نقطة الوصل في ذلك، وهذا يستدعي تكوين جهاز تمريضي عالي الكفاءة.
3- التوعية الصحية العامة والتي يجب أن تكون السبيل للحد من زيارة الطبيب في العيادات الخارجية إلا للحاجة الماسة، فيفعل عدة أنظمة لتحقق ذلك ومنها (المستشار الصحي الهاتفي)، (أنظمة الرد الآلي)، قنوات التوعية التلفزيونية من خلال اليوتيوب، وضع تطبيق تلزم شركات التلفزيون بتركيبه كتطبيق مجاني... الخ.
في ختام هذه المقال، لا بد من الإشادة بجهود معالي الوزير الدكتور توفيق الربيعة والفريق الذي يعمل معه بطموحات تتسابق ليحقق بعضها الآخر، والتذكير بمقولته إنه أتى وزارة الصحة وهو لا يعلم عن الصحة إلا ما يستعين به على رعاية نفسه وأسرته، فأقول لمعاليه كلنا كذلك فلا نعرف ما هي التحديات التي تواجهونها ولكن نعلم حاجتنا للأفضل.