فهد بن جليد
لماذا لا نجرب منح بعض الأسر المنتجة تصاريح لتحويل بيوتها إلى مطاعم خاصة داخل الأحياء تقدم فيها الوجبات محلياً من أصحاب المنزل مباشرة، يكون لها عناوين واضحة، وقوائم طعام مُحددة الأسعار، ولوحات للتعريف بها، وأوقات لاستقبال الزبائن، وتخضع لاشتراطات البلدية الصحية، ما يحدث الآن هو أن الكثير من هذه المنازل تقوم باستقبال الطلبات الخارجية بالفعل وإعداد الوجبات للزبائن، بشكل غير خاضع لأي ضوابط رقابية، فهي تعتمد على العلاقات والتسويق عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والبعض من أفراد هذه الأسر يقصدون الطرقات لبيع الأطعمة بشكل غير نظامي، إذا ما استثنينا خدمة (الفود تراك). مثل هذه الفكرة معمول بها في العديد من بلدان العالم التي نجحت فيها الأسر إلى تحويل منازلها إلى فنادق ومطاعم ومقاهٍ تقليدية شعبية خصوصاً تلك الريفية والتاريخية منها، ومن يعمل بها هم أفراد تلك الأسرة لتقليص معدلات البطالة، والقضاء على الفقر، وتوفير فرص الكسب والرزق الحلال، لتتحول بذلك هذه الأسر من مستحقة خاملة إلى فاعلة، عاملة، ومنتجة، بعض الأحياء الخليجية سبقتنا في تحويل بعض هذه المنازل إلى مطاعم مُحددة الخدمة والوقت يقصدها أهل البلد ومن يرافقهم من الزوار الذين يريدون الاقتراب والتعرف أكثر على ثقافة وطبيعة هذه المجتمعات من خلال بعض الأطباق الشعبية التقليدية التي تعدها الأمهات بعناية واحترافية فائقة بعيداً عن التشويه الذي يطالها على أيدي بعض العمالة الوافدة في المطاعم التجارية - وما أتحدث عنه هنا - هو فتح المجال لمن ترغب من هذه الأسر في توسيع نشاطها، ومنحه الصبغة النظامية والرقابية اللازمة، لتتحول إلى أسر منتجة ومُستثمرة في ذات الوقت.
الأمر في بداياته قد يبدو مُخجلاً وصعباً نوعاً ما، والمثبطون والمُترددون هم من سيضعون العراقيل والتخوفات في طريق هذه المشاريع الأسرية، باسم ثقافة المجتمع تارة، وطبيعة الأسرة السعودية وخصوصيتها تارة أخرى، ولكنني على يقين أنَّنا لو نجحنا في وضع الضوابط والاشتراطات اللازمة والمناسبة وبدأنا في المناطق التاريخية في مكة المكرمة وجدة والطائف وعسير والمنطقة الشرقية وغيرها كبعض المحافظات الريفية التي يقصدها الزوار وتنقصها خدمات المطاعم والفنادق - بما لا يتعارض مع مشروع النُزل الريفية الذي تبنته سابقاً هيئة السياحة والتراث الوطني - فإننا سنفتح باب رزق وطريق تعفف وكفاية لمثل هذه الأسر الشجاعة، ونساعدها لتنويع مصادر دخلها بعيداً عن الاعتماد على المُساعدات أو الدعم الحكومي.
وعلى دروب الخير نلتقي.