محمد سليمان العنقري
يحظى ملف البطالة بالأولوية بين أهداف رؤية المملكة 2030م، والتي تسعى لخفضها إلى 7 % من 12.8 % حالياً، وهذا يعني توليد ملايين فرص العمل الجديدة حتى ذلك التاريخ، وهو ما يوضح التوجهات العامة لفتح قطاعات جديدة وضخ استثمارات كبيرة بالاقتصاد مع مشاريع ضخمة واستراتيجية مثل مدينة نيوم، يضاف لذلك الجوانب التنظيمية مثل تأسيس هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة والتي مضى على بداية عملها عامان، وينتظر منها الكثير من العمل لمعالجة جذرية لمشكلة البطالة.
لكن تصريحاً نشر بوسائل الإعلام لمحافظ الهيئة قال فيه «إن 100 تحدٍ تواجه توليد الوظائف من خلال دراسة سوق العمل»، يثير التساؤل حول ما كان يعمل سابقاً من دراسات وحصر للتحديات من قِبل وزارة العمل، هل هي مختلفة عن التحديات التي رصدتها هيئة توليد الوظائف ؟ فما ذكر من تحديات خصوصاً الكبرى منها جلها ذُكرت على مدار السنوات الماضية من قِبل وزارة العمل المسؤول الأول عن تنظيم السوق ، فمعروف أن توليد الوظائف يتطلب خططاً تنموية تنفق فيها مبالغ ضخمة، وبقطاعات عديدة ذات ميز نسبية كبيرة يمتلكها الاقتصاد الوطني تؤهلها للنجاح، مع تنسيق كامل بين الجهات ذات العلاقة لإنجاح الخطط، إضافة لجوانب تنظيمية وتأهيلية تطور من تنافسية المواطن بسوق العمل.
فحجم التحديات الذي أعلنته الهيئة يُعد كبيراً وكأنه يتم اكتشاف الإشكاليات بسوق العمل لأول مرة ! وهو أمر يثير الاستغراب كون وزارة العمل قدمت حلولاً لهذه التحديات سابقاً، واعتمدت برامج مثل التوطين الموجه لقطاعات معينة كالاتصالات والمولات، وهو ما تتبعه الهيئة لحد ما ببعض ما أعلنته من برامج تستهدف قطاعات معينة ، فهل نحن أمام ازدواجية عمل بين جهتين مسؤولتين عن ملف البطالة، أم هي مرحلة تحول تدريجي بينهما ليتم نقل معالجة البطالة للهيئة، بينما تبقى الوزارة متفرغة للتنظيم والتشريع والرقابة والإشراف ؟.
بكل تأكيد معالجة ملف البطالة تتطلب جهوداً كبيرة ومن المهم تحديد مسؤوليات كل جهة ذات علاقة بهذا الملف، ومنع التداخلات والازدواجية لتحقيق أفضل النتائج المستهدفة بمعالجة ملف البطالة، إضافة لعدم الحاجة لتضخيم حجم التحديات، فاقتصاد المملكة الذي يُعد الأكبر عربياً وفيه ملايين العمالة الوافدة التي نسب البطالة بينها شبه صفرية، لا توجد كل هذه التحديات التي تظهر من خلال الطرح بالإعلام، كإشارات سلبية عن عدم خفض نسب البطالة بوقت قصير !! خصوصاً عندما تصدر عن الجهات الرسمية المعنية بالملف مع تقديرنا لشفافيتها، لأنّ المعالجات ليست بهذا التعقيد، والدعم من الدولة ضخم وكفيل بتسهيل كل الصعاب، لإيجاد الحلول الناجعة لتوليد الوظائف ومكافحة البطالة.