هدى بنت فهد المعجل
نقر أن (الدفء) حلّة نفيسة حينما تجتاحنا خيول (الصقيع)...
ويتناقص بحثنا عنه، وطلبنا للحلّة في بلاط (الزمهرير).. وصحراء (الهجير)..
ولأننا بين أحضان (البرد).. وفي وجه الصقيع، تكاثرت الطلبات على الدفء وامتد هدير البحث عنه.. حتى قالوا: لا تشتموا البرد وأنتم لم تستعدوا له الاستعداد اللائق به..!!
فأي استعداد يليق بالبرد، بالصقيع، حين يجبر شعر الجسد على الوقوف له انتصاباً، لا ندري أهو احتفاء بمجيئه.. أو خوفاً منه؛ صيّر الوقوف انتصاباً صلباً..
البرد يلسع جسدي..
أضرمي نار الموقد...
الصقيع يجمد قلبي...
أوقدي مدفأة الروح
(الشاعر: فوّاز حجو)
بين (نار الموقد) و(مدفأة الروح) في الشتاء القارص علاقة حميمة مع اختلاف كليهما.. نار الموقد محسوسة ترى والاقتراب الشديد منها احتراق يذيب المقترب.. ومدفأة الروح معنوية صوفية عند الغياب معها ينسى الجسد البرد اللاسع وينزاح الجليد عن القلب...
الشتاء طرق الأبواب كعادته في كل عام.. فهل ما يحتاجه الفرد هو فقط دفء المسكن، والملبس، والمكان، والفراش..؟ تم إعداد العدة له.. ومن ذلك حطب الموقد.. والمدفأة.. ثم ماذا بعد..!!
ماذا بعد حينما نقرأ من قصيدة لعبد الوهاب البياتي هذا المقطع..!!؟ وهجرتُ قريتنا، وأمي الأرض تحلم بالربيع ومدافع الحرب الأخير، لم تزل تعوي، هناك ككلاب صيدك لم تزل مولاي تعوي في الصقيع..
وكان عمري آنذاك.. عشرين عام
ومدافع الحرب الأخير لم تزل.. عشرين عام
مولاي.. تعوي في الصقيع
أيضاً عصا موسى في البرية ذات المحجن والشعبتين، من مآربه الأخرى فيها أن يدقها في الأرض ويلقي عليها ثوبه لينصبها مظلة تقيه حر الهجير.
إذا إعداد العدة لا تكون للشتاء فقط وموسى يدق عصاه وينصب ثوبه عليها يقي نفسه حر الهجير..
الكون يأتي لنا ب(الصقيع) مجيئه ب(الهجير) والمكان أو الملبس والفراش وحدها لا تحمينا أو تقينا ما نخاف ونخشى.. ومما نخشى (الخريف).. فصل آخر ضمن فصول السنة..
وفصل آخر ضمن فصول العمر..
وفصل آخر ضمن فصول الحياة..