سمر المقرن
بكيت بقوة وأنا أرى مشهد الاعتداء على شاب في الأحساء، تبيّن أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو كذلك يتيم، ويقوم بإعالة والدته بجر عربة من وإلى سوق الخضار بحثاً عن لقمة العيش الشريفة. ليس هناك أي مبرر للتنمر ضده، فقد كان يمشي في الشارع يجر عربته الخضراء، ليباغته مجموعة من المتنمرين ممن يتضح أن الجريمة والعداء متأصلان بهم. ما أبرد حرقتي وحرقة الناس الذين تعاطفوا وتألموا مع ذلك المشهد هو أن الجهات الأمنية تفاعلت بوقت سريع مع ذلك الحادث وقاموا فوراً -مشكورين- بالقبض على هذه العصابة التي تستمتع بإيذاء الآخرين، مما يؤكد على إصابتهم بخلل «السادية» الذي لا يفرق بين عدو أو حبيب، إنما يحب الإيذاء ويتلذذ به لمجرد الإيذاء.
يعتقد هؤلاء المرضى أن ممارساتهم سوف يتجاوز عنها القانون، وأتوقع أن هذا الاعتداء لم يكن الأول من قِبلهم ضد الآخرين، إنما هذه المرة وقعوا في قبضة الجهات الأمنية، والعقاب الذي سينالهم سيجعلهم يتشافون من مرض «السادية» رغماً عنهم، بل لنقل ورب ضارة نافعة، فإن هذا الفعل الإجرامي قد يكون له وجه إيجابي في أن يسخر الله -سبحانه وتعالى- أهل الخير لمساعدة هذا اليتيم وأمه.
إن انتشار ظاهرة التنمر وأسلوب البلطجة ضد الآخرين، وارتفاع معدل الإحصائيات العالمية لهذه الظاهرة، يؤكد على وجود خطر سلوكي حقيقي، وهناك نتائج على الضحايا أيضاً تنبئ بالخطر، حيث أوضحت الدراسات أن الضحايا يعانون نتيجة ما يُمارس ضدهم من ترهيب واستقواء يعانون من أعراض اكتئابية تؤدي إلى الانتحار.
عندما أرى مثل هذه المشاهد أفكر كثيراً بالرحمة، أين ذهبت الرحمة؟ أين ذهبت هذه الأخلاق الرفيعة التي عرفنا فيها هذا المجتمع المليء بالعطف والحنان؟ لماذا أصبحت تطغى هذه السلوكيات المقززة على سطح المجتمع، بل وهناك من يتفاخر فيها! والأدهى والأمر أن هناك من يدافع عن أصحاب هذه السلوكيات.
مجتمعنا جميل جداً بأخلاقياته، أتذكر كثيرًا من الكلام كان يدور بيني وبين بعض صديقاتي في الخارج عن صور التكاتف والتعاطف وكنا نجري بعض المقارنات بين مجتمعاتنا، بكل صراحة كان المجتمع السعودي هو الذي يفوز بصور العطف الجميلة على الآخرين. لذا لا نريد هذه الثلة الفاسدة أن تُفسد هذا الصفاء، أو أن تعطي صورة ذهنية خاطئة سواء عن المجتمع السعودي أو حتى الإحسائي، ويظل القانون هو الفيصل الذي سيقف بالمرصاد لهم ولكل من يمنح نفسه صلاحية إيذاء الآخرين!