فوزية الجار الله
( أي سرّ فيكَ إني لستُ أدري *** كل مافيكَ من الأسرار يُغري)
هذا البيت الشهير المميز بكل مافيه من فخامة الوصف يمكن إهداؤه إلى اللغة العربية فهي التي تحمل كل ذلك الجمال بتنوع مفرداتها ودلالاتها ورموزها ومعانيها وتضارب الألفاظ فيها وقد لايفهمها سوى أهلها الذين ولدوا على أنغامها وتردد صداها وتوارثوها أباً عن جد.
لدي شغف كبير بذلك الكيان المسمى لغة باعتبارها وسيلة للتواصل مع أبناء البشر سواء في وطني ذاته أو على مستوى العالم أجمع وذلك واحد من الأسباب التي دفعتني إلى تعلم اللغة التركية مؤخراً، أردت فهم مايقوله هؤلاء البشر حولي الذين يجمعنا بهم علاقات تاريخية قديمة ودين واحد هو الإسلام، قلت أتعلم لغتهم لأجل معرفة إضافية، فأنت حين تتعلم لغة أخرى تزيد معرفتك أفقياً بشكل تلقائي وتمنح نفسك قدرة على الاطلاع على قراءات أخرى أكثر امتداداً. ربما تلاحظون اليوم أن هناك الكثير من المواقع على الإنترنت تقوم بتعليم اللغة التركية، لكن ليس أفضل من تعلمها داخل فصل دراسي يقوده معلم أو معلمة..
هناك الكثير من المواقف مع اللغة المجهولة بالنسبة لك سواء في محاولة النطق أو في تذكر مواقف كثيرة عابرة، فعلى سبيل المثال قبل تعلمي للغة التركية كنت إذا مررت بأحد المحلات التجارية يقول لي «تفضلي» ( بويورون)
Buyrun
وكنت أعتقد بأنه يقول (مرحباً) فأرد عليه بكلمته ذاتها! بعد أن علمت معناها ضحكت كثيراً، مؤكد أن أصحاب أؤلئك المحلات تتنوع ردات فعلهم تجاه هذا الرد الغريب، فبعضهم اعتقد بأني أسخر منه بإعادة كلمته، وبعضهم الآخر ربما أدرك بأني لا أعرف التركية وضحك كثيراً بينه وبين ذاته ولم يضحك أمامي فأنا بالنسبة له زبون محتمل! هناك الكثير من الكلمات التركية العربية الأصل مثل ( دكان، دكة، دقيقة، شرشف، ساعة وينطقونها/ ساعات .. ) وهناك بعض الكلمات التركية لازالت تستخدم في بعض الدول العربية، دول الشام ومصر تحديداً، بسبب الدولة العثمانية التي سبق أن عاشت وتمددت حضارتها وثقافتها على أرض تلك الدول، فعلى سبيل المثال في مصر مازالوا يستخدمون كلمة ( أوضة ) إشارة للغرفة، كذلك كلمة (أوسطى) إشارة إلى المعلم في حرفة ما وأيضاً كلمة ( بوظة ) أي قطعة المثلوجة(الآيس كريم) ..
بقي أن أقول إنه ليس من السهل تعلم لغة أخرى لكنه في الوقت ذاته ليس مستحيلاً مع توفر الهمة والرغبة في التعلم، كما أن إتقانك لغة أخرى، الإنجليزية على سبيل المثال، ربما تشعر بأنه بات عائقاً في بداية الأمر لكنك مع الوقت سوف تجعل منه عاملاً مساعداً محفزاً على التعلم ودافعاً لتقوية الذاكرة وصقلها وجعلها أكثر مرونة في تقبل اللغة الأخرى.