د. جاسر الحربش
من المحتمل على غرابته وجود بقية مكابرين ما زالوا يسوقون لمواقف الحكومة القطرية المعادية بوضوح للأمن العربي، وخصوصًا أمن جارات قطر الرئيسة الثلاث. لن أكرر الثابت المعروف من الحقائق حول انزلاقات الحكم القطري منذ غدر الابن بأبيه ونفيه وتجريده من ممتلكاته، ونفى ستة آلاف مواطن معارضين للانقلاب بعد سحب جنسيتهم الوطنية، ثم الاستمرار في التخريب الإعلامي والقومي والجغرافي. الآن بعد اتضاح الموقف القطري والإصرار عليه أصبح المهم التفكير جديًا فيما تشكله قطر هذه بالنسبة لجوارها، بموقعها الجغرافي وثرواتها الكبيرة وانحيازها العلني لدول إقليمية توسعية.
المنطقة التي تقع قطر جغرافيًا وأمنيًا في خاصرتها الشرقية تمر بمراحل مفصلية من التحديات الأمنية العالية التكاليف المسحوبة من استثمارات التنمية الضخمة للانتقال من الماضي إلى المستقبل. دولة البحرين في حالة استنفار أمني منذ سنوات للتعامل مع حركة انفصالية مذهبية لا مجال للشك في ولائها لإيران، وقطر الخليجية العربية دعمت هذه الحركة المعادية لأمن وتماسك الخليج العربي منذ البداية.
السعودية بإدارتها الجديدة فتحت أبوابًا واسعة للتنمية الاقتصادية والعلمية، وهي أبواب كانت مغلقة في وجوه الشباب السعودي ومحتكرة للأجانب عبر شخصيات وعوائل سعودية تخمرت مع الزمن في براميل الفساد والاختلاس والرشوة. في نفس الوقت تتعامل السعودية مع الدمل الحوثي المذهبي الذي زرعته إيران في الورك العربي الجنوبي الغربي، وتقف مع البحرين ميدانيًا في حرصها على الضبط الأمني. على العربي المنصف الحريص على عروبته وحضارته تقدير الكلفة المالية والبشرية لكل ذلك.
الإمارات العربية المتحدة منهمكة في تحديث يخطف الأنفاس، وتقف مع السعودية والبحرين في حالة استنفار أمني على مدار الساعة للتعامل مع الدمل الحوثي في اليمن والدمل القطري على الحدود المشتركة، ومع مخططات الدهقان الإيراني الذي زرع هذه الدمامل المتقيحة في أكثر من مكان.
مع هذه الأوضاع، والتركيز تحديدًا على الدمل القطري، ماذا لو طرأ نزاع واسع وخطير بين إحدى الدول الإقليمية الأجنبية الموجودة عسكريًا في قطر، وبين السعودية والإمارات والبحرين على الطرف الآخر؟. لن يكون فقط من المحتمل بل من المؤكد انفجار الدمل القطري على جواره العربي في شكل كتائب جنود وصواريخ ودبابات تهاجم من قواعد تلك الدول الأجنبية وربما من قواعد أكثر من دولة واحدة موجودة في قطر.
الشعب القطري الشقيق لن يقبل ذلك، لكنه لن يستطيع الرفض، أما الانتظار حتى تحصل الكارثة من الخاصرة القطرية فهو كابوس أمني مرعب بسبب كثافة المرافق الحيوية الخليجية في المنطقة. في الطب يتم التعامل مع الدمامل غير القابلة للتدخل الجراحي بسبب حساسية موقعها من البدن، بطريقة تقوية مناعة البدن نفسه بكل الطرق الممكنة وبضخ المضادات الحيوية لتنشيف الدمامل، وهذا ما يتوجب على السعودية والإمارات والبحرين عمله بأعلى درجات المهنية المتوافرة.