جواندونج - «الجزيرة» - عماد المديفر:
اهتمت مجلة «الدبلوماسي» المعنية بالشئون الدولية والتي تصدر من العاصمة اليابانية طوكيو في عددها الأخير بالمستجدات التي تشهدها المملكة مؤخرا، ولا سيما حملة الإصلاحات التي يشرف عليها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وفي هذا الصدد أوردت المجلة مقالة للكاتب والخبير الإستراتيجي الصيني وانج موزوهو المختص بالشئون الآسيوية تطرق فيها إلى الإصلاحات وتأثيرها فيما يتعلق بالعلاقات مع الصين والعالم بصفة عامة.
وذكر أن آثار التغييرات التي تجري حاليا بالمملكة ستكون أكثر وضوحا مع مرور الوقت، إلا أنه من الظاهر أن هذه الإجراءات تأتي ضمن حملة إصلاح تاريخية واسعة ستنعكس إيجابيا على المملكة والعلاقات مع الصين والغرب والعالم الإسلامي ومجمل الاقتصاد العالمي على مدى عقود قادمة.
وأشار الكاتب إلى أن برنامج الإصلاح السعودي يتسم بالجدية والحزم، وأن هذه الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية ستؤدي إلى تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد السعودي بشكل كبير، وأن رفع الحظر عن قيادة المرأة السعودية للسيارة من شأنه توفير المزيد من فرص العمل أمام النساء السعوديات، وزيادة مشاركتهن في سوق العمل بما يضيف عشرات المليارات من الدولارات إلى الاقتصاد السعودي.
لافتاً إلى أن المملكة حرصت على تمويل مبادرات التنمية التعليمية للمواطنين، فعلى الرغم من الضغوط المفروضة على الميزانية نتيجة لانخفاض أسعار النفط، ظل الإنفاق على التعليم من الأولويات، وارتفع التحصيل العلمي ارتفاعا كبيرا، وأصبح الاقتصاد متنوعا وتنافسيا بشكل متزايد، وبدأ المجتمع ينفتح تدريجيا.
ويبدو أن المملكة العربية السعودية -والحديث للكاتب- تتحرك بشكل عام في اتجاه إيجابي جدا في ظل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، على الرغم من التحديات التي تكتنف مسار الإصلاحات في الوقت الراهن.
وأوضح وانج أن استقرار المملكة وأمنها من الأمور البالغة الأهمية بالنسبة للصين والعالم ككل حيث إن أي ارتباك في وتيرة إنتاج النفط سيؤدي إلى تقلبات في أسواق الطاقة وتزايد التضخم مع انخفاض في إجمالي الناتج المحلي العالمي ومعدلات العمالة.
كما تطرق إلى وجود آفاق كبيرة للتعاون بين السعودية والصين في مجال الطاقة الشمسية، حيث تعد الصين أكبر منتج للطاقة الشمسية في العالم، في حين تتمتع المملكة ذات الأجواء الساطعة بميزة نسبية في هذا المجال. ومن شأن زيادة إنتاج الطاقة الشمسية في المملكة أن يقلل من استهلاك النفط المحلي، وأن يحرر إنتاج النفط للتصدير إلى الخارج، وسيؤدي صعود السعودية كقوة تصديرية للنفط والطاقة الشمسية إلى منافع هائلة لكلا الجانبين، بل والاقتصاد العالمي بصفة عامة.
ويشدد الكاتب على أن أهمية المملكة العربية السعودية لا تقتصر على الناتج المحلي الإجمالي أو حجم السكان، حيث أن التطورات في المملكة العربية السعودية، التي تضم الأماكن الإسلامية المقدسة، سرعان ما تتردد أصداؤها في جميع أنحاء العالم الإسلامي. وهناك ما يقرب من 1.6 مليار شخص مسلم، وبحلول عام 2050 من المتوقع أن يصل عدد المسلمين إلى 2.76 مليار، أي ما يقرب من 30 في المئة من سكان العالم. وسيؤدي الدور العالمي المتزايد للصين إلى المزيد من التفاعل مع المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة مثل باكستان وإندونيسيا وماليزيا وما بعدها. وسوف تتشكل علاقات الصين المستقبلية مع الدول الإسلامية، جزئيا، من خلال تطور طبيعة علاقاتها مع المملكة العربية السعودية.
ويختتم الكاتب بتأكيده على أن نجاح برنامج الإصلاح السعودي الذي يتزعمه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان سيكون له انعكاساته الإيجابية على الاقتصاد العالمي ككل وأن حركة الإصلاحات في حد ذاتها تمثل فرصة فريدة من نوعها لإقامة علاقة توازن بين التقاليد الإسلامية وتطورات العصر الحديث، مشددا على أن فشل الصين (أو الغرب) في تقديم الدعم الكافي لبرنامج الإصلاحات السعودي سيكون بمثابة الخطأ التاريخي.