لبنى الخميس
تحدثنا في المقال السابق عن الندم، وسردت بالنسب ما أكثر ما يندم عليه الشباب فتصدر المجال العاطفي والتعليمي والذاتي، فهل تتغير هذه القائمة حينما تتضاعف أعمارنا.. وتتراكم تجاعيدنا.. ونقترب من خط النهاية.. بروني وير ممرضة أسترالية قضت سنوات من حياتها تعتني بمن هم على فراش الموت.. ويودعون الحياة ببطء .. فسألتهم عن أبرز الأشياء التي ندموا على فعلها؟ أو عدم فعلها؟ في سن الشباب فتلاقت إجاباتهم في خمس نقاط رئيسية كتبتها في مقال قرأه الملايين وترجم إلى 29 لغة .. وتحول لاحقاً إلى كتاب بعنوان: The Top Five Regrets of the Dying
كانت الإجابات كالآتي :
أولاً: تمنيت لو كانت لديّ الشجاعة لأعيش لنفسي ولا أعيش الحياة التي يتوقعها أو يريدها مني الآخرون..
ثانيًا: تمنيت لو أنني خصصت وقتاً أطول لعائلتي وأصدقائي..
ثالثًا: تمنيت لو كانت لديّ الشجاعة لأعبّر عن مشاعري بصراحة ووضوح..
رابعًا: تمنيت لو بقيت على اتصال مع أصدقائي القدامى أو تجديد صداقتي معهم قبل أن أسمع بوفاتهم فجأة.
وأخيراً: تمنيت لو أنني أدركت مبكراً المعنى الحقيقي للسعادة..
لا تصدق أم كلثوم حين تقول: « تفيد بإيه يا ندم !» فقد تستفيد الكثير، فمن عمق الألم تولد أعظم الدروس، والخطأ الوحيد، هو الخطأ الذي لم تتعلم منه. وتذكر أنه لا يمكنك تغيير ما ترفض مواجهته .. تقدم .. واجه ألمك .. واصنع التغيير .. فالإنجازات العظيمة لا تحدث بالهروب بل بالمواجهة، ولا تستهن بجدوى الضحك على زلاتك .. فالضحك علاج مجاني وفعال .. لا تترفع عنه.
أخيراً، الندم هو الإبصار الذي يصل متأخراً، والإدراك الذي يأتي بعد فوات الأوان، لكن الأهم، أن لا تقع فريسة لأنيابه.. تسلم نفسك طوعاً لتأنيبه .. تاركاً خلفك ما يحمله من دروس، وما يقدمه من معاني وعبر، الندم الإيجابي هو أن تستيقظ بوعي لا أن تغمض عينيك بخجل.. هو أن تنجو لا أن تغرق.. هو أن تحيا .. لا أن تموت !