د. خيرية السقاف
أخرج حذاءه الشتوي من مخبئه, قلَّـبه كثيراً بين يديه, يحرك شفتيه, يضغط بواحدة منهما على الأخرى, وفي ذهنه تلوب فكرة..
الحذاء كأنه للتو أفاق من نوم طويل..
مرت به شهور صيف مضى, وخريف ذهب, والذي تلاه, وربيع فلَّ جدائله المضفورة من شتاء كان, وذهب في رحلة لاتجاه المدار, وهو واقف يقلب حذاءه بين يديه..
شقٌّ في باطن اليسرى, وعلى جدارها الأيمن شقٌّ طولي آخر, على الرغم من أنه قد نظفه من قبل من بقايا طمي في إثر مطر شديد في شتاء العام الذي مضى, قبل أن يودعه مخبأه, لكن بعض من الطمي تصلَّد في تجويفة الشقين..
حبله الذي يلتف حول حلقات تمتد من مفرقه حتى المدخل الذي يدس فيه قدمه اليمنى باطن حذائه هو الآخر ممزق في أنحاء, وكل الحذاء باهتٌ في ذهولِ من يستيقظ للتو من نوم عميق!
أطرق قليلاً, يا لدهشته, صوت رعد يصك أذنيه, بروقٌ تخاتل بعنوة جدار نوافذه, ومن ثم مطر يتهاطل بشدة يدك منافذه, سيل عارم يقتحم بابه, طمي مجنون يتدفق لجوف داره,
حذاؤه بين يديه لا يزال, يسرع ليرتديه, يختطفه الماء بقوة من بين يديه..
حذائي, حذائي..
لكن الحذاء بحبله المقطوع, وشقه المستطيل, وذهوله, خرج من الباب!
اختفى في الماء !!..
الشتاء لم يأت !!
وحذاؤه الشتوي لا يزال في مكمنه..!