د. محمد عبدالله الخازم
كانت معاناة مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث واضحة للعيان، حتى غدا مادة إعلامية دسمة توجه له سهام النقد من كل صوب. لم نعهد ذلك في صرحنا الطبي الأول، والذي قلنا عنه، إذا كانت أرامكو تمثل النموذج في قطاع الشركات والأعمال فإنّ التخصصي يمثل النموذج في مجال الخدمات الصحية على مستوى الشرق الأوسط. ولأنّ الأساس قوي فإن ما كان ينقص النموذج هو تغيير على مستوى القيادة يعيد له هيبته المعهودة. هذا ما حصل، بتولي الدكتور قاسم القصبي قيادة الصرح متسلحاً بخبرته الأكاديمية والمهنية والإدارية، قبل ثلاثة عشر عاماً تقريباً. أعاده إلى مساره الصحيح وأضاف له الكثير مما يستحق أن يُذكر ويُشاد به.
التخصصي كان المدرسة التي خرّجت قادة القطاع الصحي الذين انتقلوا لمواقع أخرى لنسخ النموذج ليصبح لدينا أكثر من مؤسسة طبية منافسة، كمدينة الملك عبد العزيز الطبية التي لا ينكر أن نهضتها الحديثة بدأت بالاستعانة بكفاءات تخرجت من مدرسة التخصصي، ومثلها مدينة الملك فهد الطبية وتخصصي الدمام وغيرها. التخصصي لم يكن بخيلاً بتدريب الكفاءات وبدعم القطاعات الأخرى، بل أذكر وكشاهد على مرحلة تأسيس مدينة الملك فهد الطبية، أن التخصصي كان له الفضل واليد الطولى في دعم المدينة لتقوم على أشدها، وهاهي خلال سنوات قصيرة تقع في مصاف المنافسين للتخصصي ذاته. لم يكن الدكتور قاسم القصبي بخيلاً معنا في مدينة الملك فهد الطبية، سواء بالكوادر أو تطوير السياسات للمدينة الجديدة أو التدريب أو غير ذلك من وسائل الدعم، في وقت كانت هناك جهات أخرى وقفت متوجسة من المدينة الجديدة تحارب خطوتها الأولى وترفض دعمها بما تحتاجه.
ولأن إحدى صعوبات المستشفى التخصصي كانت في هيكله ومرجعيته التنظيمية - ليس قصوراً في المرجعية آنذاك وهي الديوان الملكي ولكن لاختلاف المهمة الطبية عن مهام الديوان - جاء تأسيس مؤسسة مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث لتكون مؤسسة مستقلة عن بقية الجهات، وكان ربان السفينة في قيادة هذا التحول معالي الدكتور القصبي. تأسيس المؤسسة وترسيخ نظامها وتطوير مواردها المالية، يعتبر من أبرز الخطوات التي منحت المستشفى دافعية كبرى نحو المزيد من التميز والإنجاز.
الدكتور قاسم القصبي حرص على التزام التخصصي برسالته ومنهجيته وإبداعه في التعامل مع الحالات المتخصصة رغم الضغوطات الدائمة التي سعت إلى تحويله عن مساراته المتميزة. ويحسب له استغلاله فترة النمو الاقتصادي ليضيف الكثير لهذا الصرح الكبير في مجال تخصصة في علاج الأورام وزراعة الأعضاء، وإعادة تأسيس تخصصي جدة وغير ذلك مما لا يتاح تفصيله في مساحة مقال محدودة...
التدريب لم يكن من مميزات التخصصي في الماضي فقط، بل إن وتيرته تتصاعد بشكل مستمر، حيث يحتل التخصصي الريادة في تدريب مختلف الكوادر الطبية والفنية والإدارية، وقد غدا مطمحاً للمتدربين المتنافسين من الخليج والشرق الأوسط وليس المملكة فقط. التخصصي جامعة وأفتخر بأنني أحد خريجيها ويشكر د. القصبي على حفاظه على توهجها في هذا الشأن.
أشكر الدكتور قاسم القصبي على قيادته وتطويره وحفاظه على كل منجزات التخصصي، وأتمنى التوفيق لربان السفينة الجديد الدكتور ماجد الفياض.