ياسر صالح البهيجان
يتبادر إلى أذهان عدد ليس بالقليل في المجتمع السعودي عن سبب اتجاه القيادة إلى خوض معترك حاسم في العديد من القضايا السياسية الكبرى في المنطقة وفي ذات التوقيت، كالحرب على جماعة الحوثي المنقلبة على الشرعية في اليمن، والموقف الصارم إزاء انتهاكات حزب الله لاستقرار لبنان ودعمه للميليشيات الطائفية الإرهابية في مختلف دول المنطقة، والعمل على تخليص العراق من هيمنة الحرس الثوري الإيراني، ومواصلة تأييد الشعب السوري ضد نظام الأسد الإجرامي، إضافة إلى مقاطعة النظام القطري الذي ثبت تورطه في تمويل الجماعات المتطرفة وإيوائه لها بهدف زعزعة الأمن وزرع الفتنة داخل المملكة وغيرها من الدول الشقيقة.
قضايا معقّدة تشبه الخليّة العنقوديّة وتقارب حرب العصابات التي تتجه إيران إلى تشكيلها منذ ثورة الهالك الخميني عام 1979، وحُقّ للمواطن السعودي أن يتساءل عن سبب تداخل تلك الملفات وسبب معالجة الحكومة السعوديّة لها في الوقت ذاته، دون أخذها على مراحل متفرقة، بحيث تبدأ كل قضية عندما تنتهي التي قبلها.
في الشأن السياسي ليس بالإمكان تأجيل أي ملف يهدد الأمن القومي لأي دولة، وإن لم يجرِ التعامل معه فورًا فإن النتائج في المستقبل قد تأتي وخيمة ويصعب حلّها، لذا اتجهت الحكومة السعودية إلى مواجهة الجبهات كافّة، خصوصًا وأنها مرتبطة ببعضها، وجميعها ناتجة عن رأس الأفعى «إيران»، فما الحوثي وحزب الله ونظام الحمدين والحشد الشعبي إلا أذرع لملالي طهران تستعملها لإحداث شرخ داخل المملكة، وما دامت متصلة بمصدر واحد، فإنها تتطلب أيضًا التعامل بحزم وحسم في وقت واحد لتكون أكثر فاعليّة وتأثيرًا لحفظ الأمن الوطني السعودي، الذي يُعد خطًا أحمر لا يمكن الصمت حيال من يحاول تجاوزه.
التاريخ يؤكد بأن الحكومة السعودية لم تكن يومًا حكومةً عدوانيّة تبحث عن فتح الجبهات ونشوب الصراعات، وهذا ما جعل المجتمع الدولي برمته يعتمد عليها في حفظ استقرار منطقة الشرق الأوسط، لكن كونها ليست عدوانيّة لا يعني أنها متسامحة حدّ تهديد أمنها، بل هي تمتلك مقومات الردع كافّة، سواءً الدبلوماسية والاقتصادية أو حتى العسكريّة إن دعت الحاجة إليها، وهذا ما جعل المملكة تواجه القضايا الحساسة في مرحلة واحدة، بعد أن تأكدت بأن من أحسنت إليهم بادروا بالإساءة إليها، وأن من وقفت إلى جانبهم قرروا خيانتها، لذا لم يعد ثمة مجال للتسامح أو حتى التسويف، ومعها انطلقت عاصفة الحزم التي لم تهدأ، ولن تهدأ حتى تضمن السعودية خلو المنطقة من أي عوامل تهديد قد تطالها.
المجتمع السعودي يؤمن بحكمة قيادته، ويدرك بأن ساعة الحزم قد دقّت، وهو الداعم الأكبر لمساعي حكومته لحفظ أمن وطنه من العابثين والمرتزقة، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.