ناصر الصِرامي
كانت جدة أكثر تحررًا.. لكن اليوم يبدو أن الصحفي «ريتشارد كويست» مذيع السي إن إن لا يتفق مع ذلك اليوم، وهو في الرياض مباشرة للمرة الأولى ليلة الجمعة الفائتة.. بعد تجربته السابقة في جدة..!
إنه حكاية نعرفها جيدًا، ونتداولها لعقود بين بعض الحرية في جدة مقارنة بالعاصمة الجافة جدًّا.. لكن هذه الصورة النمطية تتغير الآن..
دعكم الآن من كل التفاصيل الصغيرة والتشويش الحاقد.. المعلومة الثابتة والمتفق عليه في الداخل قبل الخارج أن السعودية تتجه لمستقبل مغاير، تتجه بقوة للتفوق على نفسها أيضًا، وعلى كل الصور النمطية.
وفيما كان إعلام لبنان يشتغل بالغباء، وبعض المؤسسات الإعلامية المحسوبة (خارجيًّا) سعودية بإدارة عربية لا تختلف عن سابقتها تبث أفلامًا وثائقية.. كانت قناة «سي إن إن» الإخبارية الدولية تبث من الرياض مباشرة، وتتحدث لأكثر من مسؤول سعودي عن حرب السعودية الحديثة على الفساد والفاسدين. و»سي إن إن» بالمناسبة في أمريكا هي القناة الواقفة «في حلق» الرئيس الحالي للولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب؛ لا تتعاطف معه، وليست راغبة في ذلك، بل تواصل إحراجه بشكل لافت.. ومتعمد أحيانًا! وتقاريرها ليست دائمًا في صالح السعودية أو تتعامل معها بواقعية.
في التغطية المباشرة من الرياض كان هناك إشارات رائعة عن حجم التغير في السعودية. يقول أشهر، وربما أهم مراسلي سي إن إن الاقتصاديين بالمنطقة، الذي أمضى نحو 25 سنة يتابع التطورات والتغيرات في المنطقة.. يقول إنه يمر بتجربة مختلفة. التغير والتقدم في السعودية الآن يحسب بالأشهر، أو بالأسابيع الآن، بعد أن كان يقاس بالسنوات أو ربما بالعقود..!
الإشارات الواضحة أن الأمير محمد بن سلمان لا يراهن إلا على شيء واحد، المستقبل والمستقبل فقط.. نعرف جيدًا ونكرر دائمًا أن أغلبية مواطني المملكة العربية السعودية من الشباب، أقل من ثلاثين عامًا، إنها مملكة شابة بكل ما للكلمة من معنى، وهي بالتأكيد شابة وفتية أكثر من أي وقت مضى. الغالبية العظمى من الشعب السعودي اليوم كانوا قبل نحو عشرين يكملون عقدهم الأول، ومعه كانوا قد بدؤوا بالاتصال بالعالم والتفاعل معه، وعمرهم أقل من عشر سنوات..
الشريحة الأوسع في السعودية اليوم جاؤوا مع بداية الألفية أو حولها، أو قريبًا من الوعي بها.. هم الرهان والمستقبل..
وهم من يتحدث لهم سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ويقودهم لرؤية أخرى، لسعودية جديدة ومحدثة ولنسخة مطورة، ستبقى أقوى في مستقبل مختلف لدولة عظيمة، يكتب تاريخها الحديث الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.