سعد بن عبدالقادر القويعي
انطلاقاً من وعي مشروع «نبراس» حول أهمية التعامل مع الأزمات، فقد استبعد - الأستاذ - عبد الإله الشريف - أمين عام اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات - ما يتردد عن ارتفاع معدلات تعاطي المخدرات بين السعوديات، وقال: «كل المؤشرات تدل على أنّ السعوديات بعيدات كل البعد عن هذه الآفة ؛ لتمسكهن بالعقيدة الإسلامية، والعادات الاجتماعية الأصيلة»، - مبيناً - أنّ: «مشروع نبراس الذي يستمر لمدة خمس سنوات، أطلق 8 برامج رصد خلال انطلاقته عن 10 حالات تعاطي للمخدرات للنساء»، - فالمشاهد اليوم - أنّ الوقوع في براثن آفة المخدرات لم يعد مقصوراً على طبقة بعينها، أو مرحلة عمرية دون أخرى، ولا يفرق بين رجل، أو امرأة .
على الرغم من أهمية إحصائية الأرقام، فإنّ القضاء على آفة المخدرات ليس عملاً تربوياً هادفاً - فحسب -، بل هو عمل إنساني، ووطني، وواجب شرعي . وبمثل هذه الإحصائية الرسمية، تجعلني أطمئن إلى أنّ انتشار الإدمان بين النساء لا يرقى إلى مستوى الظاهرة، بل هي حالات فردية، وموجودة في ظروف مجتمعية قليلة. وهي وإن اعتبرت نسبة منخفضة بالمقاييس العالمية، إلا أنها تستدعي ضرورة الالتفات لهذه القضية الخطيرة، باعتبار أنّ التساؤلات ستبقى مطروحة، حول ما إذا كانت المرأة في قضايا المخدرات جانية، أم مجنياً عليها؟.
إن كان عدد حالات تعاطي المخدرات من السعوديات قليل جداً، فإنّ ذلك لا يقلل من أهمية المشكلة، وضرورة علاجها. وإني لأرجو ألا يكون خوف المجتمع من تقبُّل وجود هذا المرض، ورفض فكرة العلاج عائقاً أمام انطلاق برامج مكثفة ؛ للحد من ظاهرة تفشي الإدمان بين هذه الفئة - وإن كانت قليلة - . - وعليه - فستبقى العوامل البيولوجية التي تساعد في توجه السلوك، - بالإضافة - إلى عوامل أخرى، مثل : الرغبة، والاتجاه، وتكوين الهوية، عناصر في غاية الأهمية ؛ لمعالجة هذه الظاهرة، والقضاء عليها، وذلك من خلال معالجة مسبباتها الحقيقية، وتلافيها، وإيجاد الحلول الجذرية التي يمكن أن تقتلع المشكلة من جذورها، أو على الأقل تنتقل بها إلى منحني التناقص.
تستوجب الوقفة التحليلية للأسباب المحتملة لتورط المرأة في قضايا، وجرائم المخدرات - وإن كانت قليلة -، التأكيد على أنّ السلاح الأمثل لمواجهة هذه الآفة في المجتمع إنما يكون بالنصح، والإرشاد، والتوعية في المدارس، والجامعات، والمحافل الاجتماعية، - إضافة - إلى أنّ للأسرة دوراً كبيراً ليس على مستوى الوقاية من إدمان المخدرات، بل على مستوى العلاج من هذه الآفة - أيضاً -، حيث لا تقل مسؤولية الأسرة عن دور باقي المؤسسات في المجتمع.