رقية سليمان الهويريني
قد تسمع من باب المبالغة وصفَ المكاتب ذات الأبهة والفخامة والسعة بأنها مكتب وزير! ومنصب الوزير كافٍ لمنحه المكانة والتقدير، فلا يحتاج حينئذ مكتباً بتلك المواصفات!
أقول ذلك بعد اطلاعي حديثاً على توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تعميماً لمختلف الوزارات مطالباً كل وزير ورئيس جهة مستقلة، بالقيام بزيارات دورية لمناطق المملكة، وتفقّد أعمال الجهات المرتبطة به، والاستماع لمطالب المواطنين، لأهمية التقاء الوزراء وكبار المسؤولين في الدولة بالمواطنين والتعرف عما لديهم؛ لكونه من أهم الواجبات، ومن ثم الرفع للديوان الملكي بتقارير مفصلة عن الزيارات التي يقوم بها مع المرئيات. بما يعني ألا يكون للوزير مكتب فخم!
ولو قام كل وزير في وزارة خدمية بزيارة يومية لدائرة حكومية تابعة لوزارته على مستوى المملكة لما كفته أيام السنة كلها للاطلاع على سير العمل، وكفاءة الموظفين والتزامهم وإنجازهم، ومقابلة الناس ومعرفة مطالبهم، فبلادنا واسعة المساحة ومترامية الأطراف!
وأجزم أنه لا يكفي قيام بعض الوزراء بفتح مكاتبهم ساعةً باليوم أو جزءاً من يوم في الأسبوع لمقابلة الناس والاستماع لمطالبهم؛ فكثير من المواطنين لا تتسنى له مقابلة صاحب المعالي لضيق الوقت وكثرة المعاملات والاجتماعات المرتبطة بطبيعة العمل الوزاري، ويكون بعضهم قد حضر من مناطق بعيدة وتجشم السفر ومتطلباته كتذاكر الطيران والسكن بفنادق لعدة أيام مع تكاليف المواصلات، وترك عمله وأسرته لأجل مقابلة الوزير في مكتبه التي قد لا تتم بسبب البيروقراطية المقيتة.
وليت الوزراء يفوضون صلاحيتهم للنواب ويوزعون مهام أعمالهم على وكلاء الوزارة للتفرغ للجولات الرقابية والاستكشافية دون حشد أو مرافقين، لكشف القصور وتقصِّ الحقائق وقضاء مصالح الناس بحيث يخفف عليهم وعثاء السفر وأحياناً سوء المنقلب!
وأزعم أن ديوان كل وزارة سيكون بلا مراجعين بل خلية نحل لموظفين يتلقون ملاحظات الوزراء الميدانية، ومكان لتوقيع المشاريع وإنهاء الإجراءات الإدارية.
ولو نفذ الوزراء مطالب خادم الحرمين الشريفين لما تفاجأوا بالقصور الذي يتبعه عادة الإعفاء! ولما اضطر الناس لتصوير المواقف السلبية لبعض الوزراء والمتنفذين. وهنا سيكون المواطن هو عين الملك كما هو قلبه النابض.