لقد تفاءل أهلنا في غزة وجميع أبناء شعبنا الفلسطيني والعربي في كل مكان، بتوقيع اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس في القاهرة برعاية مصر العربية يوم -10 الجاري وهو اتفاق تنفيذي لاتفاق المصالحة الموقع أصلاً 04-05-2011م في مصر والذي كان معطلاً تنفيذه بسبب الرهانات على متغيرات قد تحدث في الساحة العربية والدولية، ويكون لها انعكاسها على الساحة الفلسطينية، لكن الرهان على تلك المتغيرات قد جاءت عكسية ولم تحقق المراد منها، فجاءت لحظة الحقيقة بضرورة التوجه لمصر العربية لتجديد الثقة بها أولاً والالتزام بتنفيذ اتفاق 2011م للمصالحة، بعد حكم قارب على أحد عشر عاماً لقطاع غزة منفرداً من (قبل حركة حماس) الإخوانية زاد خلالها سكان قطاع غزة نصف مليون نسمة، وتردت فيه الخدمات بشكل كبير لا يوجد له مثيل على سطح الكرة الأرضية، بسبب ما تعرض إليه القطاع من حروب ثلاثة ظالمة أوقعت الدمار والخراب والقتل والإعاقة في سكانه، ولم يسلم من أذاها شجر أو حجر أو بشر، ورافقها حصار حَوَّلَ قطاع غزة خلال الأحد عشر عاماً إلى سجن كبير بسبب إغلاق المعابر من والى القطاع والذي تتحكم فيه إسرائيل بالدرجة الأولى، يضاف إلى ذلك تلوث البيئة الناتج عن تلك الحروب وعن نقص الخدمات الأولية مما وضعه في ظروف بيئية بالغة الصعوبة تكاد تنعدم فيها شروط الحياة الصحية على سبيل المثال لا الحصر نسبة 95 بالمئة من الماء فيه غير صالحة للشرب، وباتت فيه الظروف الاقتصادية شديدة القساوة حيث أصبح 80 بالمئة من سكانه تحت خط الفقر، والبطالة فيه متفشية في أوساط الشباب من الخريجين والتي زادت عن 50 بالمئة، يضاف إلى ذلك تردي الأوضاع الصحية، وقلة الغذاء والدواء، ولازال عشرات الآلاف بدون مأوى بسبب الدمار الذي لحق به جراء الحروب المتعاقبة حيث لازال 40 بالمئة مما دمر في الحرب الأخيرة 2014م ينتظر الإعمار، إن الأوضاع في قطاع غزة غاية في الصعوبة وفي المأساوية.
في هذا السياق تأتي زيارة وفد حركة حماس إلى طهران لتدق ناقوس الخطر من جديد ولتطرح مصداقية حركة حماس بالتوجه نحو المصالحة على المحك وما ظهر منها للعلن، حيث صرح السيد/ علي أكبر ولايتي أن دعم إيران للمقاومة الفلسطينية سيزداد/ ويعقب عليه أيضاً السيد/ أبو زهري بقوله «تأكيد من طهران وحماس على عودة العلاقات إلى شكلها الطبيعي بين طهران وحماس، والعلاقة مع إيران بما يخدم المقاومة والقضية الفلسطينية، وزيارة وفد حركة حماس لطهران جاءت لرفع وتيرة الإسناد للمقاومة الفلسطينية».
طهران لم تخف امتعاضها من المصالحة الفلسطينية الأخيرة ومن الدور المصري والعربي الحاضن لهذه المصالحة لأنها قد تغلق أمامها بوابة العبث في القضية الفلسطينية، وساحة مهمة تعتمدها إيران في تزكية نفسها وتضليل شعبها والشعب العربي للتغطية على تدخلاتها السافرة في الشأن العربي سواء في العراق أو سوريا أو اليمن أو الخليج وغيرها لتظهر تدخلاتها وكأنها شكل من أشكال المقاومة والتغيير وهي تعصف بنسيج المجتمعات والدول العربية وتهدد وتعرض أمنها ووحدتها واستقرارها للخطر.
نقول شكراً إيران وشكراً ولايتي لا نريد دعمكم للمقاومة العابثة بالشأن الفلسطيني وقضيته، كفوا عن تدخلاتكم التخريبية فيها وكفوا عن سياساتكم الهدامة في الدول العربية الأخرى والزموا حدودكم الوطنية العرب لم يشكلوا يوماً تهديداً لكم كنتم عبر التاريخ كما اليوم في هذه المرحلة السوداء من تاريخ المنطقة، معول هدم وعدم استقرار وقوة استعمارية واحتلالية للأرض العربية، فلا يمكن أن تكونوا قوة مساندة لتحرير فلسطين من الكيان الغاصب الذي تتكاملون معه في احتلال أراضٍ عربية، وإشاعة الفرقة وعدم الاستقرار في المنطقة وتهديد الأمن والسلم الإقليمي فيها، خوضوا حروبكم بعيداً عن غزة وفلسطين وأرض العرب...!.
إن القضية الفلسطينية قضية عربية بامتياز ولا يمكن أن تكون قضية فارسية أو طائفية لتجد الدعم من نظام فارسي طائفي يخلط الدين بالسياسة بالقومية بالطائفية.
ونقول للإخوة في حركة حماس أخطأتم أخطاء بالغة بحق غزة وبحق الشعب الفلسطيني وقضيته، كفوا عن هذا النزق السياسي الخطير الذي أوصلتم غزة إليه، والوضع المأساوي الذي أوصلتم القضية الفلسطينية إليه، فيه الكفاية، أخلصوا النية مع غزة ومع شعبكم ومع سلطته الوطنية، ومع أمتكم العربية وفي مقدمتها جمهورية مصر العربية التي تسعى جادة لإعادتكم إلى الحاضنة الفلسطينية والعربية معاً وليس لكم غيرها إذا أردتم أن تكونوا حركة وطنية وليس (حركة إخوانجية) تنفذ سياسة الغير والآخر الفارسي أو غيره.
** **
- عضو المجلس الوطني الفلسطيني