خالد بن حمد المالك
على غير ما عهدناه في رؤساء لبنان السابقين، فإن ميشيل عون يتصرف على نحو وكأنه يرأس دولة عظمى، بمساحتها وقوتها الاقتصادية والعسكرية وقواها البشرية، بل وكأنه صاحب صلاحيات مطلقة، وليس صاحب صلاحيات رئاسية محدودة وقد تم السيطرة عليها من حزب الله الذي يدين بالولاء والعمالة لإيران.
* *
فقد فتح عون فمه، وأطلق العنان بصوته المبحوح، يهاجم المملكة بكلمات بذيئة، ويتهمها بما ليس فيها، ويتجاهل مواقفها الداعمة للبنان اقتصادياً ومالياً وأمنياً، وكأنه في غياب تام عن التاريخ، فلا يتذكر قرارات الطائف التي نزعت فتيل المؤامرة على لبنان، ووضعت حدًّا للحرب الأهلية التي كان هو أحد من أوقد أوار نارها، ورفض أن يشارك مع غيره بالحضور لإطفاء ذلك الحريق المشتعل آنذاك.
* *
أعرف أنه لا قيمة البتة لخطاب مليء بالأكاذيب والمغالطات يطلقها عون، حتى وإن جاء تبجحه بإنكار الجميل بعد أن نجحت مساعي المملكة باستخدام علاقاتها المتميزة باللبنانيين الشرفاء في إقناعهم باختياره رئيساً لهم، على أمل أن تعيد له الرئاسة رشده بعد عامين من الانتظار كان فيهما قصر بعبدا بلا رئيس، فيما كان الموقف الإيراني ممثلاً في العميل حسن نصر الله يعمل على إفشال كل المحاولات أمام نجاح أي من المرشحين للرئاسة.
* *
فبينما يعلن الرئيس سعد الحريري أن إقامته بالمملكة هي من أجل إجراء مشاورات حول مستقبل الوضع في لبنان، وعلاقاته بمحيطه العربي، وأن كل ما يشاع خلاف ذلك من قصص حول إقامته ومغادرته، أو يتناول وضع عائلته لا يعدو كونه مجرد إشاعات، يأتي عون وصحف لبنان المحسوبة على إيران، ومعهم حزب الله ليتحدثوا عن استقالة الحريري وإقامته وعائلته بالمملكة، بحسب ما تمليه أنفسهم المريضة ومواقفهم المشبوهة.
* *
فها هو سعد الحريري الذي قالوا إنه تحت الإقامة الجبرية، وأنه غير قادر على مغادرة المملكة إلى لبنان أو أي دولة أخرى، ها هو يغادرها إلى فرنسا في زيارة رسمية، وها هو يعلن أنه سيكون في لبنان خلال الأيام القليلة القادمة، فهلا خجل عون من ترديد أكاذيبه، واستحى من النيل من المملكة ذات المواقف المساندة لاستقلال لبنان وتحرره من سيطرة إيران على القصر الجمهوري في لبنان.
* *
نحاول أن نفهم ماذا يريد عون عندما وقف ضد قرارات الطائف وحيداً بين كل الفرقاء اللبنانيين؟ وماذا يريد عندما يكون موقف صهره وزير الخارجية في كل الاجتماعات العربية والدولية منحازاً لبقاء حزب الله موازياً للجيش اللبناني في التسليح والقوة والصلاحيات؟ وهل لديه من حجة أو مبرر بألا يكون رئيساً لكل اللبنانيين، بينما يعبث حزب الله مستخدماً القوة العسكرية بسلامة لبنان وعلاقاتها مع الدول العربية؟
* *
حزب الله اللبناني- الإيراني يحارب في سوريا، وفي اليمن، وله تواجد في دول عربية أخرى، ويضع من لبنان مركز تدريب عسكريًّا لكل المعارضين من الشيعة في الدول العربية التي ينتمون لها، فأين الرئيس عون بسلطاته المحدودة التي ينازعها عليه حسن نصر الله من هذا السلوك الذي يضع لبنان في مواجهة خلافات دائمة مع الدول الشقيقة، إن لم يكن هو ذاته عميلاً لإيران؟!
* *
نعرف أن قطر بعد قطع أربع دول عربية علاقاتها بالدوحة، قد دخلت على الخط، تدفع بدعمها المالي بالموقف العوني إلى خلق هذه الأجواء المتوترة للبنان مع بعض الدول الشقيقة، وتساعد حزب الله وإيران في جعل لبنان في حالة صراع لبناني- لبناني ومع الدول العربية، غير أن هذه مآلها الفشل أمام تصدي المملكة ودول الخليج لأي مؤامرة يكون مصدرها حزب الله في لبنان، وعلى ميشيل عون أن يتحمل مسؤولياته في أي تصعيد يصدر عنه، حتى ولو اقتصر ذلك على استخدام الإعلام المشبوه في إرسال رسائله العدوانية ضد دولنا.