يوسف المحيميد
انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي عدد من الأطفال الأبرياء، الذين يتحدثون في مقاطع فيديو قصيرة عن موضوعات لا تتناسب مع طفولتهم، وتحولوا إلى مشاهير يتكسَّب أهاليهم من وراء شهرتهم، بالإعلانات التجارية، مما يتعارض مع حقوق الطفل العالمية التي تمنع استغلال الأطفال بتشغيلهم في سن مبكرة، في مهن لا تتناسب مع ظروف الطفل في هذه السن، التي يفترض أن يُمنح الطفل خلالها فرصة كافية للتعليم، والعيش مع أسرته بهدوء وسلام.
كثير من هؤلاء الأطفال الذين قادتهم أمهاتهم أو آباؤهم إلى شهرة مبكرة في «سنابتشات» أو غيرها من المواقع الاجتماعية، تعرضوا لإيذاء نفسي كبير من قبل المتابعين، وتم انتهاك طفولتهم بطريقة فجة وغير إنسانية، مما سيؤثِّر حتمًا على مستقبلهم، بما لا يفهمه أولياء أمورهم، لأن الطفولة مرحلة مهمة للغاية في حياة الإنسان، يجب أن تُعاش بشكل طبيعي، دونما انتهاك أو سلب، فمن تعرض منهم إلى ذلك في طفولتهم، سينعكس ذلك عليهم حتماً في المراحل اللاحقة من العمر.
نحن بحاجة إلى تحرك الجهات المختصة، كوزارة العمل والتنمية الاجتماعية، والتعليم، والثقافة والإعلام، بتوعية الأهل بخطورة ما يفعلونه مع أطفالهم، فقد يبدأون بمزحة وضحكة من موقف طفولي، ثم يتحول ذلك إلى فعل يومي يجذب الناس، وبعدها يبدأ الكسب من هؤلاء الأبرياء، وتحويلهم إلى مهرجين صغار في عالم لا يرحم، ولعل هيئة حقوق الإنسان في المملكة تحركت مؤخرًا بفرض عقوبات على من يستغل الأطفال في أي عمل دعائي سلبي أو مقطع لا يتناسب مع عمر الطفل، واعتبرت ذلك من الأعمال التي لا يجيزها القانون.
ما أجمل أن يعيش الأطفال حياتهم البسيطة والبريئة، يستمتعون بين أهلهم وأصدقائهم، يضحكون تلك الضحكات غير المصطنعة للكاميرات والفلاشات، تلك الضحكات التي وصفها الشاعر الكبير بدوي الجبل، في إحدى قصائده:
وصن ضحكة الأطفال يارب إنها
إذا غرَّدت في موحش الرمل أعشبا
... دعوا أرضكم وبيوتكم الموحشة تعشب بالضحكات الطفولية، وأقفلوا كاميرات جوالاتكم المفتوحة على العالم، وعلى عيني طفل لا يعرف من الحياة سوى اللهو والسعادة.