«الجزيرة» - واس:
تحتفي سلطنة عمان اليوم السبت 29 صفر 1439 الموافق 18 نوفمبر 2017م بالذكرى السابعة والأربعين ليومها الوطني، وهي ذكرى تحمل في ثناياها المنجزات الحضارية ومعاني الفخار والعزة والانتماء لأرض عُمان الغالية التي بلغت في ظل القيادة الحكيمة للسلطان قابوس بن سعيد أسمى مراتب المجد والنماء والأمن والأمان.
فقبل سبعة وأربعين عاماً وعد السلطان قابوس في خطابه التاريخي الأول عام 1970م بإقامة الدولة العصرية فأنجز ما وعد - بتوفيق وفضل من الله - وبحكمة مستنيرة استلهمت قيم الماضي وتطلعات المستقبل، وطوال السنوات الماضية نعمت عُمان بمنجزات عديدة ومتواصلة شملت مختلف مجالات الحياة وعلى نحو يحافظ على أصالتها وعراقتها، ويكرس قيمها ويعتز بتراثها ويواكب تطورات العصر في ميادين العلم والمعرفة، ويستفيد من التقدم الإنساني في شتى الميادين.
وبمشاعر الفخر والاعتزاز يحرص أبناء الشعب العماني على التعبير عن عميق الحب والولاء والعرفان مجددين العهد والولاء للسير قدماً تحت راية قيادتهم الحكيمة.
وأبرز ما يمّيز مسيرة النهضة العمانية الحديثة أن السلطان قابوس أرسى منذ توليه مقاليد الحكم أسس ودعائم الوحدة الوطنية بوصفها ركيزة راسخة تنطلق منها وترتكز عليها جهود التنمية المستدامة في شتى المجالات، وإعلاء قيم العدالة والمواطنة والمساواة وتدعيم أركان دولة المؤسسات التي ينعم فيها المواطن والمقيم بالأمن والأمان، وتتحقق فيها للجميع أجواء الطمأنينة وصون الحقوق، وشكلت الثقة السامية العميقة في قدرات المواطن العماني على المشاركة الإيجابية والواعية في صنع القرارات وفي صياغة وتوجيه التنمية الوطنية حافزاً كبيراً للمواطن العماني على المشاركة وممارسة حقوقه السياسية التي كفلها النظام الأساسي للدولة منذ عشرين عاماً مضت، وقد انعكس ذلك بوضوح في تطور مسيرة الشورى العمانية، وفي هذا الإطار يقوم مجلس عمان بجناحيه (مجلس الدولة ومجلس الشورى) بدور حيوي، بالتعاون مع الحكومة، في ظل الصلاحيات والاختصاصات الواسعة التي يتمتع بها، بدوره التشريعي والرقابي لصالح الوطن والمواطن.
ومع إيمان السلطنة بالسلام والعمل من أجل تحقيقه فإن قوات السلطان المسلحة والحرس السلطاني العماني وشرطة عمان السلطانية تقف على أهبة الاستعداد للذود عن تراب الوطن وحماية مكتسبات النهضة المباركة، ولا سيما أن السلطان قابوس بن سعيد القائد الأعلى للقوات المسلحة يحيطها دوماً برعايته السامية وعلى نحو يوفر لها كل ما تحتاجه من عدة وعتاد للقيام بواجبها ودورها الوطني مع العناية التامة بمنتسبيها قادة وضباطاً وجنوداً أو بما يحقق كفاءة عالية في الأداء وفق البرامج المحددة لذلك.
ومنذ فجر النهضة في عام 1970م تتابعت خطط التنمية الخمسية منذ خطة التنمية الأولى (1976 - 1980) وعلى امتداد ثماني خطط متتابعة، حيث بدأت خطة التنمية الخمسية التاسعة (2016 - 2020) بعد ارتفاع مُعدَّلات النمو في القطاعات كافة، حيث استخدمت الحكومة إيرادات النفط والغاز بشكل خاص لتحقيق التنمية وتشييد البنية الأساسية وبناء ركائز اقتصاد وطني قادر على النمو والتفاعل مع التطورات الإقليمية والدولية، والاستجابة أيضا لمتطلبات تحقيق مستوى حياة أفضل للمواطن العماني أينما كان على امتداد أرض عمان الطيبة مع تحقيق تطّور مستمر في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، والعمل في الوقت ذاته على تنويع مصادر الدخل القومي والحد من الاعتماد على عائدات النفط والغاز بقدر الإمكان. وكانت خطة التنمية الخمسية الثامنة (2011 - 2015) من أكبر تلك الخطط من حيث المشاريع المعتمدة لأنها ركزت على استكمال قطاعات الهياكل الأساسية ومنها الطرق والمطارات والموانئ، والخدمات الأساسية في محافظات السلطنة المختلفة.
ولتخطي الآثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على الانخفاض الحاد لأسعار النفط قامت الحكومة ومؤسسات الدولة المختصة بتقييم الأوضاع من أجل إيجاد حلول عملية تأخذ في الحسبان العديد من الاعتبارات المناسبة والقابلة للتطبيق، وهي حلول روعي فيها عدم التأثير على الجوانب الحياتية للمواطنين وما يقدم لهم من خدمات أساسية وفقا للتوجيهات السامية.
وأكدت الحكومة أن تعاطيها مع الانخفاض الحالي لأسعار النفط لن يؤثر على سياسات التعمين والتوظيف وبرامج التدريب والتأهيل في القطاعين العام والخاص وما يتعلق بمستحقات الموظفين والعاملين في الدولة، بوصفها ثوابت أساسية تعكس الحرص على توفير أفضل سبل العيش الكريم لأبناء هذا البلد المعطاء. واتخذت الحكومة عدة إجراءات للحد من آثار انخفاض أسعار النفط وكان لتعاون الشعب العماني أثره البالغ في نجاحها في تحقيق الهدف منها، وتتواصل هذا الإجراءات وفق برامج وخطط محددة على أسس سليمة.
وتعمل السلطنة على تشجيع الاستثمار والمستثمرين المحليين والأجانب، وتنفيذ المشاريع الاستراتيجية الكبرى والمشاريع الإنتاجية لتنويع مصادر الدخل ودفع القطاعات غير النفطية، وتفعيل دور القطاع الخاص وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والعمل على الاستفادة من المقومات السياحية للسلطنة ومن موقعها الجغرافي الفريد، مع الحفاظ على أفضل مناخ جاذب للاستثمار.
وفي الوقت الذي انخفضت فيه قيمة صادرات السلطنة من النفط الخام كما تشير الإحصائيات خلال سنوات الخطة الخمسية الماضية (2011 ـ 2015) وتراجع صادرات السلطنة غير النفطية، إلا أن استمرار الإنفاق على المشاريع ساعد على تحقيق ارتفاع في الناتج المحلي الإجمالي من 26.121 مليار ريال عُماني بالأسعار الجارية في العام 2011م ليصل إلى 26.850 مليار ريال عُماني في عام 2015م، مُعتمداً على التعويض من القطاعات غير النفطية وعليه ارتفعتْ مُساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي عام 2015 م إلى 71.4%؛ منها 1.6% للزراعة والأسماك، و19.8% للأنشطة الصناعية (والتي يدخل فيها التعدين بمقدار 0.5%)، وكذلك 49.9% للأنشطة الخدمية (والتي يدخل فيها نشاط الفنادق والمطاعم بحوالي 0.9%، إضافة إلى نشاط النقل والتخزين والاتصالات بمقدار 5.8%).
واستمرت حكومة السلطنة، رغم تأثير انخفاض الإيرادات الحكومية المعتمدة بشكل كبير على الإيرادات النفطية، في الصرف في مجال الخدمات لمقابلة الزيادة في السكان والتوسع في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية؛ فعلى سبيل المثال زاد إنتاج الكهرباء من 21350 جيجا وات - ساعة في عام 2011 إلى 32100 جيجا وات - ساعة في عام 2015 م، بينما زاد إنتاج المياه من 242 مليون متر مكعب في عام 2011 م إلى 300 مليون متر مكعب في العام 2015، وزاد عدد الركاب القادمين عبر مطاري مسقط وصلالة من 3 ملايين و528 ألفا والمغادرين من 3 ملايين و386 ألفا في عام 2011م، ليصل إلى 5 ملايين و708 الاف و5 ملايين و598 ألف راكب على التوالي في العام 2015م، وقد زاد عدد منتفعي خدمة الإنترنت من 89000 مستخدم في عام 2011 م إلى 236000 مستخدم في عام 2015م.
وبدأت السلطنة تنفيذ خطة التنمية الخمسية التاسعة (2016 ـ 2020) في ظل تحديات ماثلة وأوضاع اقتصادية غير مُعتادة تواجهها البلاد، كغيرها من الدول المنتجة للنفط والمعتمدة على عائداته خاصة مع انحسار مساهمة النفط والغاز في الناتج المحلي الإجمالي، الذي كان ولا يزال مصدراً أساسياً للدخل.
وعلى الصعيد الاقتصادي سجل الميزان التجاري للسلطنة بنهاية الربع الأول من العام الجاري 2017م فائضا مقداره 492 مليونا و500 ألف ريال عماني وفق ما أشارت إليه الإحصائيات المبدئية الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات.
وكان الميزان التجاري للسلطنة قد شهد في نهاية العام الماضي 2016م فائضا مقداره ملياراً و395 مليوناً و300 ألف ريال عماني مثل النفط والغاز من الصادرات السلعية ما قيمته 5 مليارات و840 مليوناً و300 ألف ريال عماني، بينما بلغت قيمة الصادرات غير النفطية مليارين و398 مليوناً و800 ألف ريال عماني. ومن بين مشروعات عدة في قطاعي النفط والغاز أعلنت السلطنة خلال العام الحالي عن إنجاز المرحلة الأولى من مشروع خزان لإنتاج الغاز، حيث إن معظم إنتاج المشروع سوف يذهب للاستهلاك المحلي وهناك نسبة قليلة سوف تذهب إلى محطة الغاز الطبيعي المسال بولاية صور لتغطية طلبات التصدير.
وسجل الاستثمار الأجنبي المباشر بالسلطنة بنهاية الربع الثاني من العام الجاري 2017 ما قيمته 8 مليارات و13 مليوناً و200 ألف ريال عماني بارتفاع في حجم التدفقات بلغ 619 مليوناً و400 ألف ريال عماني وفق ما أفادت البيانات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات.
وتقوم وزارة النقل والاتصالات بالسلطنة بصيانة شبكة الطرق الإسفلتية والترابية للمحافظة على جودة الشبكة بما يضمن استمرارية حركة المرور ويحافظ على مستوى السلامة المرورية عليها. ومن أهم مشاريع الطريق التي تم افتتاحها في جزء المرحلة الأولى من مشروع ازدواجية طريق بدبد - صور بطول 70 كيلو مترا (من الكيلو 700ر63 إلى الكيلو 500ر109) والمرحلة الأولى من طريق سناو - محوت - الدقم بطول 36ر81 كيلو مترا والمرحلة الثانية من طريق سناو - محوت - الدقم بطول 100 كيلو متر.
وتم كذلك افتتاح عدة أجزاء من طريق الباطنة السريع وهي 50ر45 كيلو مترا من الحزمة الأولى وذلك من تقاطع حلبان إلى خبة القعدان و75ر44 كيلو مترا من الحزمة الثانية المتمثلة من خبة القعدان إلى وادي الحيملي بولاية السويق و20ر46 كيلو مترا من الحزمة الثالثة من وادي الحيملي بولاية السويق إلى حفيت بولاية صحم و50ر43 كيلو مترا من الحزمة الرابعة من حفيت بولاية صحم إلى ولاية صحار و41 كيلو مترا من الحزمة الخامسة من ولاية صحار إلى ولاية لوى.
ويبلغ إجمالي طول شبكة الطرق الواقعة تحت إشراف هذه الوزارة حتى ديسمبر 2016م حوالي 31646 كيلو مترا منها 14660 كيلو مترا من الطرق الإسفلتية و16986 كيلو مترا من الطرق الترابية.
وتعمل السلطنة حاليا على تنفيذ مشروع الاستراتيجية الوطنية للتنمية العمرانية لوضع خطة بعيدة المدى لتوجيه وتنظيم كافة أشكال النمو العمراني في المرحلة القادمة، حيث يعد المشروع إطاراً لتمكين التخطيط الشامل وتوجيهه نحو الاستدامة في مختلف محافظات السلطنة ولتعزيز الازدهار الاجتماعي والاقتصادي. وفي مجال الإسكان بلغ عدد قطع الأراضي السكنية الممنوحة بمحافظات السلطنة 21 ألفا و549 قطعة حتى نهاية سبتمبر 2017 بانخفاض نسبته 8% مقارنة بالفترة نفسها من العام 2016 التي تم خلالها منح 23 ألفا و415 قطعة أرض وفق ما أوضحته البيانات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات.
وجاء العدد الأكبر من الأراضي السكنية الممنوحة في محافظة جنوب الباطنة حيث بلغ العدد 5 آلاف و429 قطعة أرض بزيادة 37% عن الفترة نفسها من العام 2016 التي بلغ العدد خلالها 3 آلاف و963 قطعة. وقد حظي التعليم برعاية خاصة واهتمام كبير من السلطان قابوس بن سعيد، حيث أظهرت الإحصائيات أن 588 ألفا و339 طالباً وطالبةً انتظموا للدراسة في العام الدراسي الحالي 2017 / 2018 موزعين على 1129 مدرسة حكومية بمختلف محافظات السلطنة، وبلغ عدد المعلمين لهذا العام أكثر من 56 ألف معلم ومعلمة بينما بلغ عدد الإداريين والفنيين بالمدارس 10 آلاف و641 إداريّاً وفنيّاً، فيما بلغ إجمالي الدارسين في جامعة السلطان قابوس في هذا العام الأكاديمي أكثر من 16000 طالب وطالبة في مرحلة البكالوريوس.
وبلغ عدد الطلبة المقيدين في مؤسسات التعليم العالي بالسلطنة 135 ألفاً و493 طالبا بينهم 65 ألفاً و199 طالباً بالمؤسسات الحكومية و70 ألفاً و294 طالباً بالمؤسسات الخاصة. فيما بلغ عدد الطلبة العمانيين المقيدين بالجامعات والكليات بالخارج 6 آلاف و297 طالبا.
وفي قطاع الصحة حققت السلطنة طوال السنوات الـ 47 الماضية إنجازات ملحوظة في التنمية الصحية خاصة في انتشار المؤسسات الصحية في محافظات وولايات السلطنة كافة وفي تحقيق معدلات متقدمة في مختلف جوانب الخدمات الصحية الأولية والتخصصية التي يتم تقديمها مجاناً للمواطنين، وقد أشادت منظمة الصحة العالمية بهذه الجهود في مناسبات عدة، حيث وضعت وزارة الصحة رؤية مستقبلية للنظام الصحي (الصحة 2050) تهدف إلى تطوير النظام الصحي على مدى السنوات المقبلة من خلال إنشاء نظام صحي واسع وفعال قادر على تحقيق أفضل معدلات الرعاية الصحية لكل شرائح المجتمع. وتتكون المنظومة الصحية في السلطنة حاليا من (74) مستشفى منها (49) مستشفى تابعة لوزارة الصحة و(6) مستشفيات تابعة لجهات حكومية أخرى و(19) مستشفى للقطاع الخاص، وتدير الوزارة أيضا (206) مراكز ومجمعات صحية مع وجود (60) مركز رعاية صحية أولية حكومية غير تابعة لوزارة الصحة و1105 عيادات ومراكز صحية تشخيصية تابعة للقطاع الخاص.
وبلغ عدد الأطباء الاختصاصيين والاستشاريين وأطباء عموم بمؤسسات وزارة الصحة 5875 طبيبا و13700 من الفئات الأخرى المهنية والإدارية و14587 ممرضا وممرضة و323 طبيب أسنان.
وحققت السلطنة إنجازا صحياً مرموقاً على المستوى العالمي بحصولها على المركز الأول في الإدارة الفاعلة للتحصينات على مستوى دول العالم حيث اجتازت التقييم الشامل لإدارة اللقاحات بنسبة 99% وفق منظمة الصحة العالمية. ويترافق مع ذلك العديد من البرامج لرعاية ذوي الإعاقة وأصحاب الضمان الاجتماعي لضمان مستوى معيشة طيب لهم ولأسرهم في مختلف المجالات وبما يحقق استفادتهم من ثمار التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها السلطنة في كل المجالات.