«الجزيرة» - المحليات:
نظم المكتب الإقليمي لليونسكو في بيروت لقاءً حوارياً موسعاً، تحت عنوان (مأسسة الحوار) ألقى خلاله معالي الأستاذ فيصل بن عبد الرحمن بن معمّر، الأمين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، ومركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، بحضور ومشاركة شخصيات فكرية ومؤسسات مختصة بالحوار في لبنان، كلمة أكد فيها على أدوار المملكة العربية السعودية المهمة، الدينية والسياسية والاقتصادية التي منحتها ريادة وقيادة في العالم الإسلامي.
وقال ابن معمر: بفضل الله ثم بجهود القيادة الحكيمة، تمكًنت المملكة من بناء تحالفات عربية وإسلامية وعالمية في مجالات متنوعة بهدف تعزيز التعايش وبناء السلام وترسيخ العيش المشترك ومكافحة التطرف والإرهاب، مشيراً إلى ما أعلنته المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله، عن خططها الطموحة التي تضمنتها رؤية المملكة 2030م، ومساراتها المتنوعة لمشاريع محلية وإقليمية وعالمية لمكافحة التطرف والإرهاب وبناء السلام، عبر إنشاء المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال)، ومركز الملك سلمان العالمي للسلام، ومركز الحرب الإلكترونية، جنباً إلى جنب مع استمرار دعمها في إنشاء مركز مكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة، بالإضافة إلى جهود المملكة في مأسسة الحوار ونشر ثقافته وتعزيز التعايش عبر إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ومركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وبرنامج الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي لترسيخ ثقافة الحوار والسلام في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو)، بالإضافة إلى المساعدات الإنسانية والإغاثية، حيث يبرز مركز الملك سلمان للإغاثة في طليعة المؤسسات العالمية التي تسهم بتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية، فضلاً عن مساهمات الفئات التطوعية من داخل المملكة، مؤكداً نهج المملكة أفعالاً وأقوالاً لتعزيز سبل التعايش والسلام والأمن التي يمكننا جميعاً تحقيقها، بشكل تعاوني وتطوعي ودعم سياسي ومادي لتحقيق الطموحات، مشيراً إلى تأكيد سمو ولي العهد مؤخراً، حفظه الله، على مكافحة التطرف بكل أشكاله والعمل مع كل الأخيار في العالم للقضاء عليه.
واستعرض ابن معمر مسيرة مأسسة الحوار الوطني منذ أن كان فكرة، ثم واقعاً عبر إقامة اللقاء الوطني للحوار الفكري، مشيراً إلى أنه قد كشف عن فرص عظيمة ولكنه أيضاً كشف أن الحوار ليس مسألة طارئة، فنشر ثقافة الحوار وجعله طبعاً من طباع المجتمع وأسلوب حياة له أبعاد دينية وتربوية واجتماعية وإعلامية وله ارتباط بالمسجد والمدرسة والأسرة والإعلام، وبشراكات مجتمعية متنوعة.
وأوضح ابن معمر أن قرار مأسسة الحوار الوطني في المملكة، وإنشاء مركز دائم له، أعطاه فعالية الدوام والاستمرار والتجدد، لكي لا يكون العمل الحواري حالة طارئة أو مؤقته، ولكن ليكون مبرمجاً ومتصلاً ومتنامياً، مرتبطاً بالنماء المعرفي والتطوير الفكري، مشيراً إلى أن الحوار، يتميز بالتعايش واحترام التنوع واحترام الرأي والرأي الآخر وغالباً ما تحتاج أهدافة وغاياته ومقاصده بعيدة المدى إلى فترة زمنية غير قصيرة لتحقيق نتائجها على أرض الواقع، مشيراً إلى نجاح المركز من تحويل الحوار من قضية خطاب ثقافي عام إلى منظومة من الممارسات السلوكية عبر مجموعة متنوعة ومتكاملة من الآليات والبرامج والأنشطة التي تسهم فيها المؤسسات المختصة بالمساجد والمدارس وشؤون الأسرة والإعلام والثقافة بحيث تم مساندتها بإنشاء أكاديمية الحوار، التي أصبحت من المعالم الرائدة والبارزة محلياً ودولياً في مجال تنمية مهارات الحوار والاتصال ونشر ثقافته وتنويع البرامج الخاصة بالحوار والتعايش في العالم، فضلاً عن الشراكات العالمية مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافية (يونيسكو)، والمنظمة الكشفية العالمية، بالإضافة إلى تطبيقات حوارية، مثل: (تلاحم) لتعزيز مفاهيم التعايش والتلاحم الوطني، والشراكة المجتمعية والتواصل مع صناع السياسات، فضلاً عن تطبيقات موجهة لتمكين المرأة، والشباب: (برنامج بيادر يهدف لتفعيل الدور التطوعي في نشر ثقافة الحوار في المجتمع وبرنامج سفير للحوار الثقافي والحضاري، برنامج تمكين، مشروع سلام للتواصل الحضاري)، وقد تم تطوير استراتيجية المركز لتتواءم مع رؤية المملكة 2030.
وقال ابن معمّر: إن تطبيقات الحوار الوطني المؤسسية، شكًلت ركناً أساسياً من أركان التلاحم المجتمعي، وتعززت هذه المفاهيم بإطلاق مبادرة الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وبلورتها إلى كيان مؤسسي آخر، (مركز الملك عبدالله للحوار بين أتباع الديانات بفيينا)، كأول منظمة دولية، تعمل على تفعيل دور القيادات الدينية لمساعدة صناع السياسات في بناء السلام وتعزيز التعايش، حيث يسعى إلى إزالة الفجوة بين الأفراد والمؤسسات والقيادات الدينية وصانعي السياسات خاصة في المنظمات الدولية، عبر حلول مستدامة وتحقيق نتائج إيجابية، من شأنها أن تكشف عن طريقة جديدة لمعالجة الصراعات.
وأوضح ابن معمّر أن مأسسة الحوار العالمي، تمت عبر تطبيق أنشطة مؤسسية دائمة، وتعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات من أجل السلام حيث سعى المركز إلى ترسيخ الحوار والتعايش في أربع مناطق: المنطقة العربية، وجمهورية أفريقيا الوسطى، ونيجيريا، وميانمار، وإبراز القيمة الحضارية للتنوع البشري والعمل على إرساء القواعد والأسس التي تقوم عليها صروح التفاهم والإخاء والتعاون بين البشر على اختلاف أديانهم وثقافاتهم، فضلاً عن إنشاء (شبكة الكليات والمعاهد الدينية في العالم العربي)، لتعميق الحوار والتأكيد على أهمية بناء ثقافة تعددية منفتحة، وتقديم حلول مستدامة لا مؤقتة، لمواجهة التحديات الكامنة في عصرنا الحاضر، انطلاقاً من الأدوار الأساسية لهذه المؤسسات التربوية، والأكاديمية في الانفتاح على الآخر وترسيخ قيم الحوار والعيش المشترك، بالإضافة إلى مسار شبابي آخر، (برنامج وسائل التواصل الاجتماعي لنشر ثقافة الحوار، بعدما تفشت ظاهرة مؤسفة: توظيف المتطرفين لوسائل التواصل الاجتماعي، لنشر ثقافة الإقصاء وتصدير خطاب الكراهية.
واستطرد ابن معمّر قائلاً كما قدم المركز برنامج (كايسيد) للزمالة الدولية، وهو برنامج تعليمي وتدريبي، يعني بدمج لغة الحوار في عمل المؤسسات التعليمية الدينية وبالتالي بناء قدرات القيادات الدينية المستقبلية على نشر ثقافة التفاهم المتبادل في مجتمعاتهم ..، بالإضافة إلى بناء الشراكات المؤسسية مع المنظمات الدولية (علاقة تعاون رسمية مع الجهات العامة والمنظمات الدولية، لتعزيز الحوار العالمي مع كل من: الاتحاد الأفريقي (AU)، المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم الثقافية (ISESCO ) منظمة التعاون الإسلامي (OIC)، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، مكتب الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (UNESCO) مكتب الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية ومسؤولية الحماية (UNOGPRP)، منظمة الأمم المتحدة لتحالف الحضارات (UNAOC)، منظمة أديان من أجل السلام (Religions For Peace) المنظمة العالمية للحركة الكشفية (WOSM) المعهد العالي للعلوم الدينية في برشلونه، كلية كوملوتنس في مدريد، وجامعة مونتريال، بالإضافة إلى عدد من المبادرات والشبكات والمنصات ذات العلاقة التي تجعل من كل منها مشروعاً مؤسساً قائماً بذاته.
ومن المنتظر أن يطلق المركز قريباً وتحديداً مطلع العام المقبل 2018م، على هامش فعاليات مؤتمرة الدولي الثاني: (متحدون لمناهضة العنف باسم الدين)، منصة مؤسسية أخرى تضاف إلى المنصات التي أسست في أفريقيا وميانمار، بعنوان (منصة الحوار الإقليمية لنشطاء الحوار والقيادات والمؤسسات الدينية في العالم العربي)، لتأسيس شبكة تتولى مهمة الإشراف على العديد من البرامج الهادفة لدعم مسيرة الحوار وبناء السلام وتعزيز التعايش السلمي والمواطنة الحاضنة للتنوع الديني والثقافي.