عرض وتحليل - حمد حميد الرشيدي:
قراءة في كتاب (التجربة الشعرية في المملكة العربية السعودية.. شهادات ونصوص) الصادر عام 1435هـ/ 2014م عن عمادة البحث العلمي/ برنامج كرسي الأدب السعودي بجامعة الملك سعود, من إعداد وتحرير/ خالد بن أحمد اليوسف.
يقع هذا الكتاب في 432 صفحة من القطع المتوسط, وهو عبارة عن «شهادات ونصوص» لمجموعة من الشعراء والشاعرات السعوديين, بلغ عددهم واحدًا وثلاثين شاعرًا وشاعرة من المعاصرين, ومن أولئك الذين امتازت تجاربهم الشعرية بالنضج، واتسمت باكتمال التشكل, وأسهموا خلال العقود الأخيرة من الزمن بإثراء المشهد الشعري السعودي بإنتاجهم الشعري, سواء من خلال إنتاجهم المطبوع والمنشور, أو من خلال الأنشطة المنبرية أو المحافل الشعرية التي شاركوا فيها على الأصعدة كافة: المحلية والإقليمية والدولية, حتى كان إنتاجهم الشعري شاهدًا حيًّا ونموذجًا معبرًا تعبيرًا سليمًا وصحيحًا عن آخر ما توصلت إليه (التجربة الشعرية في المملكة العربية السعودية) في العصر الراهن من تقدم وتطور, ومواكبتها المسيرة الشعرية المتكاملة للقصيدة العربية المعاصرة كلها في أنحاء متفرقة من الوطن العربي, باعتبار (الشعر السعودي) جزءًا لا يتجزأ من الحركة الأدبية والثقافية للأدب العربي الحديث, وهو أحد روافدها الأساسية, ووجه من وجوهها الحضارية في هذا الزمان!
وقد جاء الكتاب على شكل (نوافذ مشرعة)، أتاحها المؤلف لكل شاعر من هؤلاء الشعراء الذين تم اختيارهم؛ كي يتحدثوا بأقلامهم عن تجاربهم الشعرية بأنفسهم: عن بداية علاقاتهم المبكرة بفن الشعر, ذكرياتهم الجميلة الأولى مع الإبداع الشعري, المراحل التي مرت بها تجاربهم الشعرية, أهم المحطات التي عايشوها خلال مشوارهم مع الكلمة الشعرية المعبرة, إنتاجهم الشعري, السابق واللاحق.. إلخ.
هذا، وقد تضمن الكتاب واحدًا وثلاثين شاعرًا وشاعرة - كما سبقت الإشارة إليه - جاءت أسماؤهم مرتبة حسب الحروف الهجائية, وهم كالآتي:
إبراهيم زولي, إبراهيم طالع, إبراهيم مفتاح, إبراهيم الوافي, أحمد البهكلي, أحمد الصالح (مسافر), أحمد عبد الله عسيري, أحمد قران الزهراني, أحمد الملا, اعتدال موسى ذكر الله, بديعة كشغري, جاسم الصحيح, حسن الزهراني, حسن السبع, حمد العسعوس, صالح الزهراني, عبد الرحمن موكلي,عبد الله الحميد, عبد الله عبد الرحمن الزيد, عبد الله الصيخان, عبد الله الوشمي, عبد المحسن حليت مسلم, علي بافقيه, فيصل أكرم, محمد إبراهيم يعقوب, محمد الجلواح, محمد حبيبي, محمد جبر الحربي, مريم بغدادي, منصور دماس مذكور, يوسف حسن العارف.
ولو استقرأنا العنوان الفرعي للكتاب «شهادات ونصوص» لوجدنا فكرته الأساسية قائمة على هذين الجانبين: (شهادات) هؤلاء الشعراء بأقلامهم على تجاربهم, و(نصوص) مختارة من إنتاجهم الشعري, تمثل التجربة الشعرية لكل منهم على حدة.
ويتحدث مؤلف الكتاب في «المقدمة» عن هذه الطريقة التي اعتمدها حين قام بتنحية نفسه عن أن يكون وسيطًا مباشرًا بين الشاعر والقارئ, مفسحًا المجال لكل شاعر ليتحدث عن تجربته الشعرية بنفسه؛ لما يتسم به هذا النوع من السيرة الذاتية بالعمق والمصداقية والوضوح والمباشرة مع القراء بقوله:
«من هذا المنطلق كانت لي مع الشعراء السعوديين أيام وليال طويلة, وكانت لي مع تجاربهم وسيرتهم الشعرية أوقات فسيحة, تسلحت فيها بالصبر والتحمل الطويل الممتد في أعماقي, من أجل الخروج بأكبر عدد ممكن من الكتابة العميقة, والشهادة الصادقة, والتاريخ الناصع الوفي لمرحلة مر بها أو عاش فيها الشاعر نفسه, وجاءت النتيجة بعد مرور الأيام والأشهر, وقد قاربت العام الكامل, أن تكونت أمامي أكبر قاعدة كتابية إبداعية من الشعراء أنفسهم، تتحدث عن التجربة الشعرية في المملكة العربية السعودية. إن تجاوب واحد وثلاثين شاعرًا سعوديًّا مع فكرة هذا الكتاب هي مكسب كبير, ومغنم ثقافي, سيكون رافدًا لدراسة الشعر العربي في السعودية؛ إذ إن هؤلاء الشعراء - كل بحسب طريقته وأسلوبه ومنهجه ومفهومه - كتب عن تجربته الشعرية والكتابية الخاصة, وذكر ما يتصل بها من روافد وقراءات وتحولات في مراحل حياته, وذكر بعضهم ما يفيد القارئ والباحث عن الحياة الثقافية السائدة بصورة عامة, وما صاحب تجربته الشعرية». انتهى كلامه.
وقد أشار المؤلف في نهاية مقدمة الكتاب إلى أن هذا هو الجزء الأول من هذا الإصدار, وأنه عازم - مستقبلاً - على إصدار أجزاء تالية له, يتضمن كل منها مجموعة جديدة من الشعراء السعوديين المعاصرين.