د. عبد الرحمن الشبيلي
يُحمد للجزيرة اهتمامها بين حين وحين بتخصيص ملفّات صحفيّة للتذكير بأسماء عزيزة محفورة في الأذهان، وبنماذج تستحق ألّا تُنسى.. ملفّات تعطي الفرصة للمقصّر كي يتدارك تقصيره تجاه زملاء تكون جمعت بهم عِشرة العمر وسنوات العمل المبكّر والشباب.
والزميل غالب، الذي نسعد بين حين وآخر بالتقاط أخباره، نتذكّر في شخصه الكريم صورة زميل أمضى سنوات من عمره في خدمة هذا الوطن، وقدم إسهامات مشكورة لمؤسساته الإعلاميّة في أيام ندرة الكفاءات والمؤهلين.. فهناك في التخصّصات والمهن من يتفوّق لحذقه في مجاله، وهناك من يكون تفوّقه في حسن تصريفه للأمور، أو فِي توازن علاقته بمن حوله، أو في سداده ورُشده.. وقبيل منتصف الثمانينيات الهجريّة (الستينيات الميلاديّة) وفد على الوطن نخبة من الإعلاميّين العرب بكفاءات متفاوتة، تتمايز في الصوت والصورة والإلقاء، ومنهم من كانت لديه موهبة الارتجال أو إعداد النصوص، أو خبرة مُضافة في الإخراج الصحفي أو الإذاعي أو التلفزيوني والسينمائي أو المسرحي.. وفِي كل الأحوال يكون إتقان اللغة العربيّة مُتمّماً أساسيّاً في التأهيل.
وفي الذهن من هؤلاء كل من منير شمّا ومنير الأحمد وماجد الشبل وزهير الأيّوبي وعمر الخطيب وخلدون المالح وإبراهيم الذهبي وسعيد الهندي وخالد بوتاري ومحمد علي كريم وعوني كنانة.. وغيرهم، فضلاً عن عدد من كتّاب النصوص والأغاني والمهن الإعلاميّة الناعمة، ممن اكتمل تأهيل بعضهم قبل وصولهم، أو استكمل تدريبه على رأس العمل بعد انضمامه، ومنهم من كان لديه تخصص مقارب كالتعليم، واستهواه العمل الإعلامي فتحوَّل إليه.. ومن هؤلاء من استوطن هذه البلاد واكتسب هُويّتها. أما الكفاءات من مصر فبدأت الصحافة والإذاعة في مكة المكرّمة وجدّة بأعداد منهم، ثم انحسر معظمهم إبّان الخلاف السياسي المؤسف بين البلدين، وعاد الإعلام إلى الاستعانة بأفراد منهم فيما بعد.
أما الزميل غالب، وأمثاله عديدون، فمكّنته إجادة اللغة العربيّة ووضوح نبرة الصوت وحسن الإلقاء من أن يحتلّ مكانة لافتة بين طاقم الإذاعة والتلفزيون، وكانت سمة الدماثة والوداعة علامة فارقة في شخصيّته؛ فهو من نسيج يبحث عن الإتقان حيثما يكون، وحينما يدرك مُبتغاه لا يتعالى ولا يترفّع على من سواه. ومن طيب معشره لم يُعرف عنه الاختلاف مع أقرانه ومديريه؛ فحافظ على علاقة ودودة مع محيطه.
بارك الله له في عمره، ومدّه وأسرته بالصحة والعافية.