الفقرة الأولى التي تحضر بقوة وعذوبة في مفتتح هذه المشاركة هي أنني تتلمذت على إبداع هذا المعلم الكبير قبل أن أراه، وقبل أن أسعد بزمالته في الإذاعة والتلفزيون.
ففي عام 1386 هجريًّا كنت أتابعه بشغف أسبوعيًّا عبر برنامجه الجميل المثير (هوايات) من إذاعة الرياض، وكنت آنذاك في الصف الثاني المتوسط في معهد شقراء العلمي..
والبرنامج يستضيف أصحاب المواهب في مختلف المجالات، وما زلت أتذكر أن من بين الذين فازوا في البرنامج الزميل المذيع محمد بن نهار القحطاني، الذي ما زال يواصل نشاطه خلف المايكروفون، والفنان راشد السكران مقلد الأصوات الشهير..
إضافة إلى الاستماع إلى أبي سائد في النشرات الإخبارية وأعماله الإعلامية كافة، مثل (طبيب الإذاعة) و(سلامات) و(من الشاشة إلى المايكروفون)، وسواها..
ولأنه من جيل تأسيس الإذاعة والتلفزيون العمالقة مثل (زهير الأيوبي) - رحمه الله - و(ماجد الشبل) -رحمه الله - و(محمد الرشيد) - حفظه الله - و(خالد اليوسف) - رحمه الله - فقد حظي بمتابعة الجماهير الذواقة وإعجابهم الاستثنائي..
ولا ريب أن ذلك الجيل كان استثنائيًّا وعبقريًّا بكل المقاييس؛ ولذلك نتباهى ونفتخر بأننا تتلمذنا على إبداعهم وثقافتهم وحضورهم الإعلامي المميز.
الأمر الذي لا يمكن تجاوزه ولا تجاهله ولا نسيانه في معرض هذه اللحظات هو امتزاج جمال الصوت وروعة الأداء والثقافة العريضة في شخصية الأستاذ غالب وجيله المبهر.
الشيء الذي أود أن أسجله هنا، وينماز به أبو سائد هو أنه يمتلك ثقافة موسيقية عالية؛ فهو عازف كبير، يستطيع أن يعزف أجمل الألحان والمقطوعات الموسيقية على أي آلة. وتلك موهبة ومقدرة فنية، يصعب امتلاكها لدى أي إعلامي..
وأود أن أضيف بأن كل ما سبق مجلل ومكلل بخلق عظيم وسلوك قويم وصفات إنسانية نادرة..
بصدق:
هذا الإعلامي المبدع الإنسان الجليل من الصعب أن ينساه جمهوره العريض الذي تعود وركن إلى الاستمتاع بصوته الفخم وأدائه الجذاب ولغته الراقية..
صحيح: إنها شخصيات لا تتكرر، ولا يمكن تقليدها في أي زمان إلا أن يشاء الله.
تحياتي ومودتي لأستاذي وزميلي أبي سائد، داعيًا له بتمام الصحة والعافية، وبطول العمر على خير.
ووالله إنني لأمني النفس بأن يمده الرب بالعون والإمكانية من أجل أن نسعد مجددًا بصوته وأدائه عبر الأثير، وعلى شاشاتنا المفتقرة إلى أمثاله من المذيعين الأصلاء الحقيقيين.
الله كريم.
عبدالله بن عبدالرحمن الزيد - مذيع وشاعر.