موضي الزهراني
عقدت الجمعية السعودية للدراسات الاجتماعية يوم الاثنين الماضي 24-2-1439هـ ضمن ملتقاها العلمي الثامن لقاء هاماً بحضور المهتمين والمختصين لمناقشة «نظام مكافحة التحرش» بمشاركة كل من د. حميد الشايجي المتخصص في علم الجريمة، ود. فهد العنزي عضو مجلس الشورى والمتخصص في القانون الخاص، وأدارت اللقاء بمهارة وموضوعية د. حمدة العنزي مستشارة وزير العمل والتنمية الاجتماعية ولأهمية الموضوع ،وما يحمله من جوانب حساسة تحتاج لمهارة المختصين في المجالات القانونية والنفسية والقضائية للمشاركة في تضمينها في مواد النظام أو لائحته التنفيذية. فإننا بحاجة لتكرار مثل هذه المبادرة والتي تبنتها الجمعية لطرحها موضوعاً حساساً يتعلق بسلوكيات جنسية تجاه الآخر! وبحاجة لمبادرات مماثلة من الجهات الحقوقية من أجل توعية أفراد المجتمع بشرائحه المختلفة تجاه هذا النظام خاصة مع صدوره وقبل المطالبة بتطبيق ما يتضمنه من عقوبات قد يجهلها الكثير من العابثين تجاه حقوق النساء في الأماكن العامة! فالأمر السامي الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- لوزارة الداخلية بإعداد مشروع النظام الذي صدر بعد الأمر الملكي الذي يسمح بإصدار رخص قياد السيارات للرجال والنساء على حد سواء بتاريخ 26 سبتمبر 2017م، مما يؤكد على تشجيع المرأة السعودية على ممارسة حقوقها المشروعة في القيادة بدون خوف وتقوم بواجباتها في المجالات المختلفة مادام هناك عقوبات ستطبق بحق المتحرشين بها عند قيادتها للسيارة! وصدور هذا النظام بعقوباته المختلفة التي لانعلمها إلى الآن، يحذر كل من تسول له نفسه العبث أو التحرش بالنساء في الأماكن العامة! ولكن لكي تكتمل العملية الإصلاحية البشرية فإننا لابد أن نبدأ بالمرحلة الأهم وهي» الوقاية بالتوعية» من خلال مختلف الوسائل الإعلامية وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي، قبل المطالبة بالعقوبات التي يجهلها الكثير! وهذه مشكلتنا في تفعيل الكثير من الأنظمة الحقوقية التي صدرت سابقاً كمثل «نظام الحماية من الإيذاء، ونظام حماية الطفل، ونظام مكافحة الاتجار بالبشر، ونظام الجرائم المعلوماتية» التي جميعها تقوم على أساس احترام خصوصية الفرد، وصيانة كرامته، وحمايته من الاستغلال والعنف والابتزاز. لكنها جميعها صدرت مع ضعف شديد في التوعية بموادها ولوائحها التنفيذية مما أساء للثقافة الحقوقية والقانونية لدى الكثير من المطالبينبحقوقهم ولكن بعد وقوعهم في مكامن الاستغلال والعنف، أو بعد انسحابهم من مواجهة المعتدي خوفاً من الخسارة! إلى جانب افتقار أنظمتنا للجانب الإصلاحي وتركيزها على الجانب العقابي الذي قد لا يأتي بنتائج محمودة بعد تطبيقها! لذا مازلنا بحاجة لإثراء الجانب الوقائي لأنظمتنا الحقوقية حتى لا يكون هدفنا منها هو العقوبات ونشر النزاعات الأسرية والاجتماعية بعمق يسيء لتماسكنا المجتمعي واستقراره!.